رواية إخلاء سبيل: الفصل الأول

رواية إخلاء سبيل – ١
التعريف بسلسلة روايات بوابات السَّمَاء
🕸 «بوابات السماء» مشروع مبرمج بدقة وذكاء، يُعزَل فيه «المجرِّب» عن العالم الخارجي، وتتحول أفكاره إلى واقعٍ موازٍ؛ ولكل بوابةٍ موضوع: «الخلْق»، «القَدَر»، «الإله»، «الحياة بعد الموت»، وغيرها الكثير.🕸 صُممت على مدار ثلاث سنوات من العمل المكثف، بقيادة المهندس المصري المبتكر «حاتم سليم»، وهو ليس مجرد مبرمج، بل باحث علمي وفلسفي، يسعى حثيثًا للوصول إلى الحقيقة المطلقة، ويبحث دؤوبًا عن حقيقة الكون، تشغله القضايا الوجودية وتأسره، يكاد يعيش من أجل القيم العليا وحدها، معتقدًا أنه لو أنفق عمره كله من أجل معرفة حقيقة الكون وما وراءه، فإنه يكون قد أحسن استثماره.🕸 وفي كل ذلك، ترافقه هالة كظله الحميم، تمضي معه بثبات حيثما يقوده شغفه. وقد قاده بالفعل إلى تحويل الأفكار المتشابكة حول الإيمان والإلحاد، والخالق والخلْق، إلى تجربة عملية يمكن للمجرب أن يعيشها وكأنها واقعه.🕸 فهل أنت جاهز لاجتياز إحدى بوابات السماء؟ هل تتشوق لمعرفة إجابتك في نهاية التجربة؟فلتدخل
بحذر
من البوابة
المختارة
↓↓↓↓
إخلاء سبيل
قبل البداية
صَدَرَ الأَمْرُ مِنْ الْخَالِقِ إِلَى الشّيْطَانِ بِأَنْ يُطِيعَ الِإنْسَانَ؛ وَلَكِنّ الشّيْطَانَ اخْتَارَ أَلّا يُنَفِّذَ الَأمْرَ وَقَرّرَ أَنْ يُثْبِتَ أَنّ كُلّ مَخْلُوقٍ صَاحِبَ إِرَادَةٍ وَاخْتِيَارٍ سَيَفْعَلُ مِثْلَمَا فَعَلَ هُوَ وَيَتَمَرّدَ عَلَى أَوَامِرِ الْخَالِقِ.لَمْ يَجْعَلْ الْخَالِقُ مِنَ الشّيْطَانِ مَصْدرًا لِلشَرِّ؛ بَلْ الشّيْطَانُ هُوَ الّذِي اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ مَصْدرًا لِلشَرِّ.لَمْ يَطْلُبْ الْخَالِقُ مِنَ الشّيْطَانِ أَنْ يَكُونَ عَدُوًا لِلْبَشَرِ؛ بَلْ أَمَرَهُ بِطَاعَتِهِم؛ وَاخْتَارِ الشّيْطَانُ عَدَاوَتَهُم وَغِوَايَتَهُم.
رواية إخلاء سبيل الفصل الأول
أرضٌ سبِخة، ينزّ ملحها في العتمة، يحوطها جسرٌ ترابيّ من كل جانب. لا صوت، سوى خفقات قلبيهما تدق القفصَ الصدري كطبولِ الحرب المكتومة. لا ضوء، غير برقٍ خاطف يلوح من جوف الظلام ويختفي فيه من جديد. لا أحد، إلاّ هُما… وحدهما.وفجأة! تشبثت هالة بذراعه، وصرخت: «حاتم… انظر!» التفت بسرعة، حدّق في ذهول، رأى شعلة ضوء تتحرك فوق الجسر، تقدم بحذر في اتجاه الجسر، فجذبت هالة ذراعه للخلف بقوة. توهج ضوء الشعلة أكثر، كاشفًا عن شخصٍ يحملها؛ شيخٍ ذي رداءٍ قرمزي!أخذت هيئته تتكشف شيئًا فشيئًا. فوق رأسه تاج مُذهب، يعلوه هرم كريستالي صغير، ينبعث منه وميض خافت.بيمينه صولجان، طرفه العلوي كرأس كلب جامد الملامح، والسفلي يمتد كشوكة ثلاثية الأسنان.بشماله شعلة ذات ضوء أرجواني يتراقص وهجها بانتظام.انتفض قلب حاتم، كطائر يحاول الهروب من قفصه الصدري.تسمّرت هالة في مكانها، كجثّةٍ فوق بُرجٍ من أبراج الصمت، اتسعت حدقتا عينيها ذعرًا، كدائرةٍ قُطْرها «فاي»، حاولت أن تنطق، لكنّ الكلمات أبَتْ.ساد صمتٌ أثقل من وزن الكرة الأرضية، تجمّد الزمن في خطوات الشيخ البطيئة، والومضات الأكثر بطئًا.وبغتةً! توقف الشيخ، واستدار نحوهما بحركةٍ خاطفة، أجبرت الرياح على التوقف، وفرضت السكونَ على المكانِ بأسره، ثم نظر إليهما، نظرةً حادةً بعينين لامعتين، وقال بصوت عميق صَعَدَ صدَاهُ لجوِّ السماء: «[11] غلبوا [11]»استبدّت بهما الدهشة، وأضاف الشيخ بصوتٍ ذي طنين يهز القلوب: «و[10] غلبوا [11]»توغلت فيهما الحيرة، وأكمل الشيخ بصوتٍ خفيض، كحفيف الأوراق في ليلة صامتة: «و[1] غلب [11]»وساد الصمت من جديد. لكنّه هذه المرة، صمت مشحون بريحٍ خفيّة، محملةٍ بغبارِ أفكارٍ وتساؤلاتٍ عصيّة، أثارتها كلمات الشيخ الغامضة، شعر حاتم بأصابع هالة تكاد تخترق ذراعه فالتفت إليها، ثم عاود النظر تجاه الشيخ فحلّت به صدمةٌ ألجمته. لقد اختفى الشيخ ولم يبقَ له أثر، غير الشعلة الأرجوانية تهتز في جوف الظلام.وفجأة، انفجرت الشعلة في وهجٍ هائل، لم تستطع عيونهما تحمّله فانغلقت تلقائيًا، ارتعد جسد حاتم، ثمّ انفتحت عيناه على صوت هالة: «حاتم… انتبه»•••مضت دقيقةٌ صامتة، وهما يجلسان أمام مائدة الطعام البيضاوية المصنوعة من خشب الآرو، يمضغان الطعام بأناة، غارقين في أفكارٍ مشـتـتـة، حتّى صار الهواء الذي يتنفّسانِه ملبّدًا بأسئلة بلا إجابات.وأخيرًا، قطع حاتم الصمت وهو يقول وذهنه شارد: «لقد رأيت الـحُـلْمَ نفسه مرةً أخرى!»انتبهت هالة فأقلعت عن تناول الطعام ووضعت ملعقتها جانبًا ببطء مصدرةً صوتًا كالأزيز، ثم رفعت بصرها إليه قائلةً باستغراب: «الأحلام التي تتكرر وراءها رسالة!»حرّك حاتم قدميه بعصبية، وقال بنبرة مضطربة: «ولكنني لا أستطيع فهم رسالته الغامضة.»احتارت هالة، لم تعرف بماذا ترد عليه، وقد أعياها البحث سابقًا عن معنى رسالة هذا الحلم الغريب، وعجز كل من استشارتهم عن تأويله؛ فآثرت الصمت، وظلّت تراقب وجه حاتم الشارد، وهو يغرق في أفكاره مجددًا.بعد برهة، نهض حاتم لغسل يديه، خطا خطوتين ثقيلتين وتوقف، لمعت عيناه فاستدار للخلف وتمتم: «الْـعَـتَـلْ»نظرت هالة إليه في دهشة، وتساءلت: «ما هذا؟ ماذا تقصد؟!»

1 فكرة عن “رواية إخلاء سبيل: الفصل الأول”

  1. أبراج الصمت: هي أبراج كان الزرادشتيون ينشرون جثث من يموت منهم عليها هديةً إلى الطيور في السماء؛ ولا تزال هذه الأبراج موجودة على قمم التلال الإيرانية كنصب تذكارية من الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *