وشابت رؤايَ — الشاعر الرقمي يتخيل: ماذا لو عارض شعراؤنا الكبار أبياتًا لي عن التوبة؟!

وشابت رؤاي

وشابت رؤايَ — الشاعر الرقمي يتخيل: ماذا لو عارض شعراؤنا الكبار أبياتًا لي عن التوبة؟

قررت خوض تجربة عكسية، فالمعتاد أن يعارض الشاعر الشعراء السابقين عليه، ولكن ماذا لوكان العكس، ماذا لو عارض شعراؤنا الكبار أبيات شعرنا في عصرنا، كيف تكون النتيجة؟ هذا بالضبط هو ما طلبته من الشاعر الرقمي — معارضة بعض أبياتٍ لي عن التوبة؛ بأساليب شعراء متنوعين — وكانت هذه هي النتيجة:

أبياتي:

جلست أذكر زلاتى و آثامى
فشبّ حزنى وشابت كل أحلامى
وتاه عقلى وصعب نقلى
من الدنيا إلى دار السلام
ومات أملى لسوء عملى
وفحش قولى والكلامِ
طلبت ذنبى فكان فوقى
وتحتى وخلفى ومن أمامى

أبو العتاهية:

جلستُ أُحصي ذنوبي وهي جاحظةٌ
كأنها في عيوني نارُ إلهامِ
تفتّق الحزنُ في صدري له كمدٌ
حتى توهّمتُ أني شيّبَ الأيّامِ
ضلّ الفؤادُ، وضلّت بي معازفهُ
ما بين وَعدٍ بحقٍّ أو بإيهامِ
أين الفرارُ؟ وهذا الذنبُ مطبَقُه
من خلفِ ظهري وتحتَ الأقدامِ وأمامي
رجاءُ قلبي مضى، والأملُ منطفئٌ
والليلُ يسألُ: أين النورُ في الظلامِ؟

أحمد شوقي:

جلستُ أستبقي الدموعَ على المدى
وأُناجي الذنبَ في حرِّ احتدامِ
يا نفسُ كم زلّت خطاكِ عن الهدى
وسلكتِ دربَ التِّيهِ والإظلامِ
شابتْ لياليّ الرقيقةُ من أسًى
وغدى شبابي في ثيابِ حِمامِ
وتفرّق العقلُ المُضيءُ تحيّراً
بين الذنوبِ، وحيرةِ الأوهامِ
أينَ الخلاصُ؟ وقد تكاثرَ موبقي
فوقي، وتحتَ الأقدَمَيْن، أمامي
سقطَ الرجاءُ على صخورِ جرائري
واستوحشَ الإحسانُ في إقدامي
ناديتُ قلبي: هلْ تُراكَ تفيقُ من
سكرِ المعاصي، ولهوِ الأنعامِ؟

نزار قباني:

جلستُ وحدي…
وفي يدي فنجانُ ذنوبي
أقلبه كما يُقلبُ العشاقُ وجوهَ رسائلهم
وأقرأني…
كأنني امرأةٌ خانها عمرُها
أو مدينةٌ باعتها النوافذُ للغبار
كل أحلامي…
شابتْ قبل أوانها
كل كلماتي…
ماتتْ في سريرِ الإهمال
قلتُ لقلبي:
هل كنتَ غبياً إلى هذا الحد؟
تؤمن أن الحبّ…
يمكن أن يُغسل بالماء وحده؟
وأن الخطايا…
يمكن أن تُخفى تحت السجّاد؟
الذنبُ لم يكن أمامي فقط…
كان خلفي،
وكان تحت أقدامي
وكان يمشي معي في الأسواق،
ويحجز لي تذكرةً في كل قطار
كان
في زوايا الصمت…
في عيون أمي حين تسكت
في خوف أبي حين يدعو
في دمعةٍ لا أعرف لماذا سقطت…

أمل دنقل:

جلستُ…
وفي حضني
كومةٌ من رمادِ المواسمْ
أعدّ الخطايا…
كما يعدُّ الأسيرُ
صدى الطَرقِ فوق الجدارْ
صوتي ثقيلٌ
كأن القصيدةَ تُولدُ من عَتْمةٍ
لا تُسرُّ…
ولا تُستشارْ
وجهي قديمٌ كخوفِ الطفولةِ
والأمنياتُ
تعثّرتْ في طريقي
كأقدامِ منفى
بلا خارطة
فوقي الذنوبُ…
وتحتي الذنوبْ
أمامي الذنوبُ…
وخلفي الذنوبْ
وكل الجهاتِ تؤشّرُ نحو العذابْ
سؤالي ثقيلٌ:
هل يُغفرُ الحرفُ إن هوَ أخطأ؟
هل تنحني الملائكةُ
لمن باع نور الجبين
بظلمةِ غيابْ؟

عبد العزيز جويدة:

جلستُ…
وفي القلب شيءٌ كثيرْ
حديثٌ عن الذنبِ…
عن عمرنا حين ضاعَ،
ولم نستدر في المسيرْ
تعبتُ…
وكان الرجاءُ صغيرًا
وكانتْ خطايَ
تنامُ على ظلِّ وهمٍ
كثيرْ
شابتْ رؤايَ…
وماتتْ زهورُ الأماني
وذبلَ الحنينُ على وجنتي
كأنّي أنادي سرابَ البصيرْ
أُطالعُ وجهي
فأبصر فيهِ
طفولتيَ الهاربةْ…
وعيني تسأل:
أما من طريقٍ
يعودُ بنبضِ الضميرْ؟
الذنبُ خلفي،
وتحتي،
وفوقي…
وكلُّ الجهاتِ
دموعٌ…
وأنيابُ ليلٍ أسيرْ

فاروق جويدة:

جلستُ وحيدًا…
أُفتّشُ عنّي
وعن بعضِ عمرٍ
سكنَ الخطايا
تعبتُ كثيرًا…
ولم يبقَ شيءٌ
سوى الحلمِ يمشي
بلا أيّ رايا
سألتُ الليالي:
أما من طريقٍ
يعودُ بقلبي
لبرِّ النقايا؟
فكلُّ الدروبِ…
مليئةُ ذنبٍ
وكلُّ الخطى
تتبعثرُ فينا كصوتِ الشكايا
أمامي ذنوبي…
ورائي ذنوبي…
وتحتَ الأقدامِ
تنامُ الخطايا
وفي القلبِ طفلٌ
يخافُ المرايا
إذا ما رأى وجههُ
في الزوايا…

عنترة بن شداد:

جلستُ أُجالدُ ذنبي وهو مُرْهَفُهُ
كالسيفِ يشربُ من دمي ويُعاني
حزني تفرّعَ في الضلوعِ كأنّهُ
جمرٌ يشبُّ إلى الجوارحِ داني
شطّتْ بيَ الدنيا، ومالَ بيَ الهوى
ما بينَ زَلّاتِ الخطى وافتتاني
أينَ النجاةُ؟ وسهمُ ذنبي قاتلي
يمضي،
ويسكنُ تحتَ كلّ مكاني
تحتَ الأَقدامِ،
خلفي،
فوقَ هامَتي
وأماميَ الحتفُ، والشكوى لساني
ماتَ الرجاءُ،
فما الرجاءُ لعاثرٍ
لم يُبقِ للغفرانِ غيرَ أماني؟

المتنبي:

جلستُ أعدُّ خطايا كنتُ أحسبها
ريحًا تمرُّ… فصارت في دمي نُدُبَا
وشابَ حزني، وما شابتْ مفارقُنا
لكنّها الأيامُ تبدي ما خفى تعبَا
ضلّ الرشادُ، فصار الفكرُ في قلقٍ
كالسيفِ يهوي، فلا يُبقي، ولا يَهَبَا
أين السلامُ؟ وقد سدّتْ عليَّ فِجا
ذنوبيَ السودُ، تُلقي في المدى رهَبَا
تحتَ الأَقدامِ نارٌ، والهوى قَدرٌ
وأَمّتي ذنبيَ المسفوحَ، فاغتربَا
ومات أملي، وما ماتتْ عزيمتُهُ
فالحُرُّ يحملُ في الآلامِ منتَصبَا

محمود درويش:

جلستُ…
وكان المكانُ رمادًا
وكان الزمانُ
سؤالًا صغيرًا
يُفتّش عنّي
وقلتُ لقلبي:
أما آن أن نستريحْ؟
فقال:
وماذا جَنَيْنا سوى ما زرعناهُ؟
هل كان هذا الرحيلُ
سوى ما اقترفناهُ؟
أنا لا أملك الآن إلا الندمْ…
ولا شيء يشبهني
غير ظلّي الذي
يتبع الخطوَ…
ثم ينهدمْ
الذنوبُ أمامي،
وخلفي،
وتحتَ قدمي
كأن البلادَ التي قد سكنتُ بها
لم تكنْ غيرَ سجنٍ…
بلا معصم
أُفتّش عن قبسٍ من دعاءْ،
عمّن يجيءُ من الوجع المستمرّ،
ويغسل هذا العناءْ…

امرؤ القيس:

وقفتُ أُعاتبُ دهري، والذنوبُ دمي
تسيلُ في العظمِ، من حزن ومن ندمِ
وشابتْ لياليَّ، والهمُّ ارتدى جسدي
كأنني فارسٌ سقطت من همِّ
فيا عاذلي، هل ترى العمرَ مُنقلبًا
إلا إذا ضجّ في الأضلاعِ وانهدَمِ؟
تخطيتُ دربَ الهوى، فانسلّ لي خطَفٌ
من الذنوبِ، كأشباحٍ من الظُّلَمِ
أراها أمامي، وتحت الخطوِ تسكنُني
وفي الوريدِ تجولتْ ولم تنمِ
فمن لي بدارِ السلامِ؟ إنّني رجلٌ
قد شابَ فوداهُ، ما تابَ… وما حَلُمِ

مظفر النواب:

جلستُ على جثة الوقتِ
أُحصي الخرابَ الذي مرَّ منّي…
وكان كثيرًا
أُفتّشُ في لحظتي عن يقينٍ صغير
فأبصرُ ذنبيَ
يتمددُ فوق المدى
مثل دبّابةٍ
في شوارعِ روحي الكسيرةْ
تكلّمتُ…
فانطلقتْ من فمي زفرةٌ
كانت الأرضُ تعرفُها
وتخافُ ارتداد الصدى
يا أنتَ
يا من حسبتَ السكوتَ توبةْ
الذنوبُ أمامَك
وراءَك
تحتَكَ
فوقكَ
فيكْ!
ولا شيء يمشي سواكْ
ولا شيء يُبكي البلادَ
سوى خيبتكْ!
متى تفهمُ؟
أنك كنتَ شريكًا
في الخُطبةِ،
والحربِ،
والخيانةِ،
والانتخابِ،
وفي أول النشيد الوطني!

عمرو بن كلثوم:

جلستُ أعدُّ ذنوبي عدَّ فارسِنا
إذا اشتكى سيفَهُ في ساحةِ القِسَمِ
وساءلتُ نفسي: أما كنتِ مكرمةً؟
فما الذي أودعَ الأيّامَ في سقمِ؟
شَبَّ الحُزنُ في كبدي، وأحلامي
كأنها طللٌ بادٍ على أكمِ
أُطاردُ العارَ… من خلفي ومن أمامي
وتحت قدمي… له موطئٌ ولممِ
أين المفاخرُ؟
ما عاد المجدُ يطرقُني
ما عاد وجهُ السيوفِ الطهر في علمي
أبكي الرجاءَ… وكان السيفُ يعرفني
واليوم أبكي، فلا أرضي، ولا علمِي

زهير بن أبي سلمى:

جلستُ أُفكّرُ في الذنبِ القديمِ، وما
خلّفتُ من أثرٍ في النفسِ والهِممِ
أحصيتُ زلّاتي، فكدتُ أجهلُها
كأنها الرملُ بينَ السهلِ والعَلَمِ
وشابَ حُلمي، وما للشيبِ من أمَلٍ
إذا ما تنكر الإنسانِ للحِكَمِ
تحتَ الخطى ذنبيَ المُرّ الذي سَكَنَتْ
أحمالُهُ القلبَ… بل في الجوفِ والدممِ
أمّا الرجاءُ… فماتَ الحينَ ما عَصَفَتْ
ريحي، وضلّتْ دروبي دونَ معتصَمِ
فإن يكنِ الذنبُ شيئًا لستُ أُنكِرُهُ
فالعفوُ أرجى، لمن بالذلّ قد ندِمِ

الحارث بن حلزة:

جلستُ أُحدّثُ نفسي عن المعاصي، وقد
كَبُرتْ، وكنتُ أخالُ الذنبَ في صغَرِ
وشابتْ رؤايَ، وما شيبُ الفتى هَرَمٌ
لكنّها خطبُ قلبٍ ضلَّ في الفكرِ
فكرتُ في الدهرِ، هل يرجو له أمَلًا
من قد تهاوى على أطلاله العُمرِ؟
قد كان أملي جليًّا غير مُشتبهٍ
فمات، لمّا جرى ما لم يكن يدري
إني أرى الذنبَ في وجهي، وفي جسدي
وتحت قدميَّ، بل في مقعدي وسري
ومن أمامي، ورائي، حيثما سلكتْ
خطايَ، أدركتُ أنّ الذنبَ في الأثرِ
لكنني، رغم هذا، لا أُفرّطُ بي
ولا أُهينُ اعتذاري إلا في يدي عذري

لبيد بن ربيعة:

جلستُ أُحصي ذنوبَ العمرِ مُجتهدًا
وقد توالدَ في الأعماقِ نَدمانا
تشقّقتْ كبدي من حرّ زلّتها
كما تشقّقَ وجهُ الرملِ عطشانَا
وشابَ حلمي،
وعيني لا تُطيقُ رؤىً
إلا وكانت سُيوفَ الذنبِ عُميانا
وساءَ فعلي، وضلّ القصدُ مذ خَطِئَتْ
خطايَ، حتى غدا دربي بهتانا
أُطالعُ الذنبَ من خلفي، ومن أمامي،
وتحت أقداميَ السوداءِ عُدوانَا
أين الرجاءُ؟
وقد ضاعت معالمهُ
كأنني ما عرفتُ الخيرَ أزمانَا

النابغة الذبياني:

جلستُ أُراجعُ أيامًا مضتْ هدَرًا
وقد جرحتُ بها قلبي وأحلامي
وشبتْ لياليّ من حزني، وما برِحتْ
تُلقي على الدربِ ظِلًّا دونَ إظلامِ
تاهَ الرشادُ، فصرتُ اليومَ في وهنٍ
أمضي كأنّ خطايايَ أقدامي
وقد سألـتُ الليالي: أين مخرجُنا؟
فما وجدتُ سوى بوحٍ وأنظامِ
ذنوبيَ الآنَ ليست خلفَ سيرَتِنا،
بل فوقنا، وتحـتُ، ثمَّ قدّامي
ومات أملي، وهل يُرجى لذي خطإٍ
رجاءُ مَن ضلَّ عن ربٍّ وإلهامِ؟

الأعشى:

جلستُ أُقلّبُ في الذنبِ أوراقَهُ
وقد آن أن يستفيقَ المُغرِقُ اللّهِيّا
وشابَ الحنينُ، وشابتْ معهُ أمنيةٌ
كأنّي أرومُ الصلاحَ، وما بَقِيّا
تبدّدَ عمريَ ما بين اللهوِ والغَفَلِ
كأنّ الليالي سُقِيْنَ الغدرَ والمُنيَا
رأيتُ الخطايا تُطوّقني من الدُّنى
فأين المَفَرُّ؟
وتحت الخُطوِ ما خَفِيَا
تقدّمتُ… والذنبُ خلفي، أمامي، معي
كأنّي بهِ في يدي… أو كانَ في فيّا
فهل من رجاءٍ لقلبٍ قد تقطّعَهُ
أسىً… ولم يجدِ للرحمنِ معصِيَا؟

الشنفرى:

جلستُ أُراجعُ ما قد كان من خلَلِ
وكم عصيتُ، وكم أغويتُ من سُبُلِ
وشبَّ حزني، كأنّ الحزنَ خيمتي
فيها المبيتُ، وفي أركانها أملي
تاهَ الطريقُ،
وقد كنتُ الذي عرفوا
ضربَ القفارِ، وخطوَ الفهدِ والجَملِ
لكن ذنبيَ فوقي،
وتحتي موطئُهُ،
وأمامي، وخلفي،
حيثُ ممتدٌّ على السبُلِ
ومات أملي،
وقد كنتُ الرجا شرفًا
إنّ الكرامَ إذا ما أذنبوا خجلوا…
لكنّني تتجلّى في الدجى رجلي
أُكابرُ الذنبَ… لا ضعفًا، ولا بطَرًا،
لكنّني فارسٌ… قد أجهدني خَجَلي

تأبط شرًا:

جلستُ…
وقد كنتُ لا أجلسُ،
أقضي الليالي جريًا
ورائيَ صَيدُ الخطيئةْ
فحصَّلتُ ذنبًا ثقيلًا،
كأنّي حملتُ الجبالَ على الراحلينْ
وما كنتُ أعلمُ أن السُكونَ…
أشدُّ من الحربِ حين يُدينْ
ذنوبي أمامي،
ورائي،
وتحتَ خطايَ،
كأنَّ الترابَ
يسجّلُ أسماءنا بالغُبارِ الحزينْ
تأبّطتُ شرًّا…
ولكنني حين هبّتْ رياحُ الندامةِ
أدركتُ أن الذي كنتُ أحمِلُهُ
هو أنا…
وأنّي خُدِعتُ بظنّي الثمينْ
فما عدتُ إلا كسيفٍ قديمٍ
تعفّنَ من كثرة الذنبِ
لا من صدأِ الحديدِ المتينْ

الفرزدق:

جلستُ… كأنّي على سَرجِ القصيدةِ لا أرتخي،
رغم أن الذنبَ أغراني
فقلتُ لنفسي:
أما كنتِ تمضينَ جهرًا إلى ما عصى؟
أما كنتِ تولينَ إحساني؟
وشابتْ رؤايَ، وما الشيبُ في مفرقي،
إنما الشيبُ في ذلّةِ الجاني
خطايَ ضللنَ…
وفي الأرضِ قد حفرتْ
ذنوبُ أياميَ إثرَ عصياني
فوقي الخطايا…
وتحتي الخطايا…
ومن خلف ظهري تمرُّ،
ومن بين أجفاني
وماتَ الرجاءُ…
ولكنني لم أمتْ،
وفي القلبِ ما يُورِقُ الإيمانُ من ثاني
فما الذنبُ إلا كراماتُهُ
إذا تابَ عبدٌ،
وألقى السُجودَ… على جفنِ حرٍّ وميزانِ

جرير:

جلستُ أُحدّثُ نفسي عن خطيئتها
وقد تمرّغَ فيها العُمرُ والقلبُ
وشابَ وجهي، وما الشيبُ في مفْرِقي
لكنّهُ وطأةُ الذنبِ الذي يجبُ
ضللتُ دربي، وكانت فيّ بصيرتي
فما أعمى سوى نفسٍ بها عَطَبُ
وساءَ قولي، وقد كنتُ امرأً فطنًا
يُدني من الحُسنِ لا يُقصيه بل يربو
أينَ السلامُ؟ وقد ضجّتْ خطايَ بما
جعلْتُ من زللي للنارِ مقتربُ
تحتَ الأقدامِ ذنبي، فوق هامَتِها
وذاتَ صدري، وخلفي منهُ مُنْتَشِبُ
فهل رجائيَ يُجدي بعدما خمدتْ
نيرانُ قلبي… وكان النورُ يقتربُ؟

الأخطل:

ذكرتُ الخطايا، فهاجتْ جيوشُ الملامةِ
والصمتُ فيها نُذُرْ
فشبَّ الحُزنُ في شَعري،
وما كنتُ يوماً لأرثي الحياةَ ولا أحتضرْ
ذنوبي أمامي،ورائي،وفي شفةِ الكأسِ
في نغمةِ العودِ، فيمن يمرُّ كعطرِ القدرْ
سألتُ الإله،وكنتُ امرأً لا يُصلّي،
فصرت الراجي … والمعتذرْ
فقلتُ:إلهي!إذا ما غفرْتَ، فأنت الكريمُ…
ألا فاغفر لي، لأجل هذا الكِبَر؟

عمر بن أبي ربيعة:

جلستُ… وفي القلبِ شيءٌ كثيرْ
من الذنبِ … ومن سُهدِ سِرّي الغزيرْ
تُرى:هل يكون الهوى سببًا في الخطايا؟
وهل كان عشقي جحيمًا،وهل كنتُ أعصي بهذا الشعور؟
شَبَّ الحنينُ،وشابتْ فؤاديَ ليلى،
وعمري الذي مرَّ بين يديها قصيرْ…
تحتَ خطايَ الذنوبُ،
وأمامي السكوتُ الثقيلْ،
وخلفي رسائلُ عشقٍ
تمزّقُها ريحُ وجدٍ هزيلْ
فهل يغفر الله؟
إني سألته…
بعينينِ فيها بقايا الدمع الجميلْ

ابن الرومي:

جلستُ… وفي النفسِ رعدٌ،
وفي القلبِ صمتٌ يُنازعُ شوقَ الغفرانِ والندمِ
أعدُّ خطايايَ… واحدةً… واحدةْ…
فتمتدّ فيي كأفعى تحاصرُ روحي، وتنقضُّ من قِدَمِ
وشابتْ أمانيّ، وما الشيبُ في الرأسِ فحسبْ،
بل الشيبُ في الحلمِ، في لهفةِ القلمِ
وتاهَ طريقي، كأنّ السبيلَ غريقٌ
يُناديني من جهةِ العدمِ
ذنوبيَ… أمامي،ورائي، وتحت خُطايَ…
فمن أين أمشي بلا تهمِ؟
أقول: إلهي،وقد ضاق صدري من العذرِ،
هل من سبيلٍ إلى نِعَمِ؟

أبو العلاء المعري:

جلستُ… وفي النفسِ همٌّ تُؤرّقهُ
صحائفُ الحبرِ، لا لهوٌ ولا طربُ
أُفتّشُ الذنبَ لكنّي وجدتُ به
بذورَ ما زرعَ الناسُ واحتسبوا
شابتْ رؤايَ… فما الشيبُ في مفرقي
إلا سُؤالًا قديمًا هل لنا سببُ؟
ومن أنا؟ طفلُ دهرٍ لم يُخيَّرْ به
مضى يُعاقَبُ من ذنبٍ به كُتِبوا
أذنوبي؟ نعم… ولكن من علّمني
أنْ بالحياةَ يُدارُ الحُكمُ والرتبُ؟
فوقي الذنوبُ… وتحتي العقلُ يعذلني
كأنّني بين نارين: الهوى وغَبُ

أبو تمام:

جلستُ… وفي النفسِ مرآةُ ما اقترفتُ،
تُريكَ ما عجزتْ عنهُ مرآي
كأنما الذنبُ في الأعماقِ مُشتعلٌ
كالحرفِ… يحرقُ أعصابي ومعنـاي
وشابَ حلميَ لما شابَ معتقدي،
فصار قلبي على الذكرى كمرساي
أفتّش الذنبَ: هل صدري سوى وطنٍ
لمأتمٍ كان بالأمس مأواي؟
فوقي الخطايا، وتحتي من مخاوفها
أشواكُ وهمٍ… تسيرُ الآنَ برجاي
ومات أملي… ولكن لم تمت لغتي
ففي القصيدةِ رجعُ العفوِ والراي

ابن الفارض:

جلستُ…
وفي القلبِ شوقٌ يُناجيك يا واسعَ الغفرانِ والكرمِ
ذكرتُ ذنوبيَ… فاهتزّ وجدانيَ الذاهلِ الساهيَ، كالْحُلمِ
وشابتْ لياليّ من قبل أن يولدَ الصبحُ في ناصعِ العدمِ
فهل لي سواكَ؟ وقد ضلّ سيري… وغابَ دليلي، ونامَ قلمِي
أُحيطُ بذنبٍ يطوفُ، كأنّ الخطايا سِوارٌ على معصمي
تحتَ خُطايَ، أمامي، ورائي… خطيئَتي سكنُ المُعْتِمِ
فهل من رضاك شعاعٌ يُبدّدُ ليلَ المحبّين في الظُلمِ؟

أبو نواس:

سألتُ الليالي: أهذا أنا؟
أم أنا ظلُّ وهمٍ تقاذفهُ الذنبُ؟
رأيتُ المعاصيَ تطوفُ أمامي، كأنّ العيونَ مرايا…
وفي كلّ مرآةِ وجهٌ يعاتبني ويغضبُ
فناديتُ: يا ربَّ ! قد رجعتُ … فهل في رحابِكَ عبدٌ تُقرّبُهُ فلا يتغربُ

دعبل الخزاعي:

جلستُ أعدُّ الخطايا كأنّي
أُقلبُ تاريخَ شعبٍ معذَّبِ
أُفتّشُ عنّي… فلا أنا أنا،
ولا الدربُ دربي، ولا الصوتُ صوتُ المقلِّبِ
غدوتُ كمن خانَ فكرَ اليقينِ،
وعادَ إلى لُجّةٍ من مذهبِ
ذنوبي أمامي، وتحتَ خطايَ،
وفوقي… كأني سقَطتُ من الكتبِ
وقد كنتُ أنطقُ باسم الحقيقةِ،
ثم ارتكبتُ الصغائرَ في مَذهبي

أبو فراس الحمداني:

جلستُ… وفي القلبِ نارٌ تُغالبُني
كأنّها من خطايا الأمسِ تشتعلُ
ذكرتُ ذنبي، فلم يخفُتْ، ولم يهدأِ
كأنّهُ فارسٌ في الليلِ مرتحلُ
وشابَ حلمي… وكنتُ الفخرَ أحملهُ
كالسيفِ يلمعُ إن ضاقتْ بي السُبُلُ
رأيتُ ذنبيَ تحتَ الخُطوِ ممتدًّا،
وفوقَ هامَتي… كالتاجِ يُنتعلُ
أماميَ الخوفُ… والتاريخُ يسألني:
كيف ارتضيتَ وقلبي ليس يحتملُ؟
فناديتُ ربّي، وفي الصوتِ اعتذاري،
وفي العيونِ رجائي بالقلب يَعتملُ

أبو فراس الحمداني:

جلستُ أعدُّ الليالي التي
أهدرتها بين ذنبٍ وسُهدْ
كأنّي نسيتُ المقاديرَ لما
تبجّحتُ فيها، وأغفلتُ وعدْ
رأيتُ الخطايا أمامي تروحُ
وتغدو… كأني بها بعضُ عهدْ
تسيرُ إليّ من الأرضِ سَيرًا،
وتسكنُ تحت الخطى والمهدْ
وشابَ فؤادي، وما الشيبُ في
رُؤوسِ الكرامِ دليلُ الجَحدْ
أأرجو النجاةَ وفعلي مُقيمٌ؟
كأنّ الرجاءَ… يُدارُ بوردْ!
فناديتُ: رباه، هذا فؤادي
وهذي يدي… فهل من مددْ؟

أبو العتاهية:

جلستُ أُحدّثُ نفسي بما
جنتْ، وارتكبتْ في زمانِ الغرَرْ
وشابتْ رؤايَ، ولم أشهدِ
من الشيبِ غيرَ نذيرِ الخطَرْ
تقدّمني الذنبُ، واستحكمتْ
خطايايَ بين الورى والبَشَرْ
فأين النجاةُ؟ وكلُّ السُبُلِ تهيمُ سُدىً
رجائي تلاشى، كأنّي سحابٌ تفرّقَ لما انهمَرْ
فناديتُ ربِّ: ذنبِي عظِيمٌ،
ولكن عفوكَ… أعظمُ قدَرْ

البحتري:

جلستُ أُراجعُ ما ضلَّ منّي،
وفي خافقي عاتبٌ لا ينام
تذكّرتُ ذنبي، فأغفتْ عيوني،
وأيقظها في الأسى ما يُلام
وشابتْ رؤايَ، وفي الشيبِ حُكمٌ
على من تقادم فيهِ الظلام
أرى الذنبَ يجري أمامي كظلٍّ
إذا ما انحنت الشمس استقام
وتحتَ خُطايَ يئنُّ، وفي جانبيّ
يُوسوسُ لي… ويزين لي في الكلام
فناديتُ ربًّا… كريمًا حليمًا،
يُحبُّ العِبادَ، ويجزي السلام

الشريف الرضي:

جلستُ أُعاتبُ نفسي على زللي
وفي القلبِ نارُ الندامةِ تشتعلُ
ذكرتُ الخطايا، فأبكيتُ أيّامي،
وكلُّ المعاني التي كنتُ أحتملُ
وشابتْ رؤايَ، وفي الشيبِ موعظةٌ
لمن خاضوا بحرَ الهوى ثمَّ ما رحلوا
تقدّمني الذنبُ، والصمتُ يخذلني
كأنّي على محفلِ الخوفِ أرتجلُ
وتحتَ خُطايَ خطايا لا أعدّ لها
عدًّا… فكلُّ طريقٍ بها خَطَلُ
فناديتُ ربًّا كريمًا، وفي طَرَفي
دموعُ فتى عزّهُ ما له مَثلُ

ابن الفارض:

جلستُ،وقد سال دمعُ الهوى
على خدّ قلبي… ففاضَ الخجلْ
وذكرتُ ما قد نسيتُ به
جمالَ الحبيبِ فعادَ الوجلْ
وشابتْ رؤاي، وفي كلّ لحظةٍ
تسرّبَ منّي صفاءُ الأملْ
أُحيطُ بذنبٍ كأنّي بهِ
بقايا وصالٍ… جفاهُ الأجلْ
تقدّمَ نحوي كظلٍّ وفيٍّ،
يُرافقني حيثُ لا مرتَحلْ
فناديتُ: يا من ترى خافقي،
وتعرفُ سري وتدري الخللْ…
أعِدْ لي رؤايَ، فإنّ الضياءَ
بدونِك يبكي، ويغفو الأزلْ

البوصيري:

جلستُ أُحدّثُ نفسي عن خطاياها
ففاضَ دمعيَ، وارتجّتْ رؤاها
ذكرتُ ذنبًا أتى والشيبُ يفضحني
فكاد يخنقُ روحي في نداها
وفي الخُطى أثرٌ لا زلتُ أتبعهُ
كأنّهُ النارُ تجري في دُجاها
تحتَ الأقدامِ، فوقَ الجفنِ،
في جسدي خطيئتي ويدُ العفوِ تلقاها
فناديتُ ربّي، وقد ضاقتْ مذاهبي
ولا سِواكَ يُعيدُ القلبَ تيّاها
فاجعلْ رجائيَ في حبلِ النجاةِ سَنا
فما لمن غاصَ في الآثامِ إلاها

صفِيّ الدين الحلي:

جلستُ أُجيلُ الطرفَ في ظلماتي
فما لقيتُ سوى صدى أنّاتي
ذكرتُ ذنوبًا قد طغَتْ في عمرنا
فأمالتِ الرأسَ العزيّ بذاتي
وشابتْ رؤايَ، وما الشيبُ مَهْلَكَةٌ
لكنه نذُرُ الخُطى العاثياتِ
أماميَ ذنبي،
وتحتي،
وراءَني،
وفي كبدي نارُ المدى الصامداتِ
فناديتُ ربًّا،
قد علمتُ بعفوهِ،
وفي القلبِ رجوى،
فهو من حاجاتي

طاهر أبو فاشا:

جلستُ أُحدّثُ نفسي الحزينةْ
عن الذنبِ، عن كلِّ خطوٍ وهمْ
فشبّ الحنينُ، وشابتْ ظنوني
كأني على الدربِ شيخٌ هرِمْ
تُطاردني زلّتي،
تستبيحُ خطايايَ صمتي،
وتطفو على القلمْ
وتحتَ الخُطى
موضعٌ للفناء،
وأمامي هوّةُ العدمْ
فناديتُ ربّي بصوتٍ خفيضٍ
كأنّي أُناجيه من فمِ ندمْ:
إلهي…
وما ليَ غيرُك ملجأٌ،
إذا ضاق دربي…
وطال الألمْ

عباس محمود العقاد:

جلستُ…
وفي القلبِ فكرٌ يُسائلني:
أما آن للمرءِ أن يستفيقا؟
وذكرتُ ذنبي،
فما كان جهليَ به،
ولكن عقلي أراد الوثوقا
وشابت رؤايَ،
وما الشيبُ في مفرقٍ،
ولكنّه في الفؤادِ حقيقا
أرى الذنبَ خلفي،
أراه أمامي،
وتحت خطايَ،
يُطوّقُ طريقي خنـيقا
فقلتُ:
إلهي، أنا العقلُ قد ضلّ،
لكنني… إيك أرجو الطريقا
فإن كنتُ أغويتُ نفسي زمانًا،
فهَبْ لي هُدى من رضاك الوثيقا

إبراهيم ناجي:

جلستُ أُفتّشُ عني…
وفي القلبِ صمتٌ يطولْ
وعن ذنبِ عمريَ…
كيف استباحَ اللياليَ
وساقَ النجومَ
إلى حيثُ تزهدُ فيَّ الوصولْ
وشابتْ رؤاي،
وما الشيبُ إلا نُذورُ الأسى
حين يهمسُ في خافقي:
كيف ضيّعتَ نورَ القبولْ؟
تقدّمني الذنبُ…
لم أدرِ متى؟
كلّ شيءٍ ورائي
يبوحُ بخطويَ المجهولْ
فناديتُ:
يا من يراكَ الفؤادُ،
ولو حجبتني الخطايا،
أنا عائدٌ…
فهل من سبيلٍ
لعبدٍ قتيلِ الذهولْ؟

علي الجارم:

جلستُ أُعاتبُ قلبيَ إذ جفا،
وسارَ إلى الذنبِ لا مكتفى
ذكرتُ لياليَّ، ما أبرقَتْ
وما كان فيها إلا الأسفَا
وشابتْ أمانيّ من قبلها
وصوّتَ في جانبيَ: اكتفى!
وتحتَ خطايَ،
وفي ناظري،
وفي خاطري…
ذنبُ من أسرفَا
فناديتُ:
يا واسعَ الرحمةِ،
أنا العبدُ…
قد ضلّ ثمّ اكتشفَا

أحمد عبد المعطي حجازي:

جلستُ…
وحوليَ صمتُ الغُرفْ
سوى خُطواتِ الخطيئةِ…
تتكرّرُ في الذاكرةْ
تساءلتُ:
هل كنتُ أعرفُ نفسي؟
أم أني مشيتُ على دربِ وهمٍ
وظننتُ الطريقَ… مُنيرةْ؟
وشابتْ رؤايَ…
وما الشيبُ في الرأسِ
إلا ندوبٌ من الذكرى العَسِرةْ
وتحتَ خطايَ
تمتدّ آثامُ قلبي،
وفي الأفقِ
أشباحُ نفسي الكسيرةْ
أُحدّقُ فيّ…
كأنّي غريبٌ عني،
أفتّشُ عمّن أنا
في المرآةِ الأخيرةْ

علي محمود طه:

جلستُ…
وفي القلبِ صمتٌ نبيلْ
كأنّي أُصغي لصوت الضميرْ
أُفتّش عنّي…
عن الأمسِ، عن نظراتِ الحنينِ،
عن العطرِ… عن بعض حلمٍ صغيرْ
تذكّرتُ ذنبي،
وكان كظلٍّ
يُلاحقني…
ثم يغفو على سرّ صدري الكسيرْ
وشابت رؤاي،
وما كنتُ أدري
بأنّ الجمالَ
له يد قد تًبدل المصيرْ
فناديتُ ربّي،
بصوتٍ خفيضٍ،
كأنّي أرتل نورًا
يعودُ إلى داخلي يستنيرْ

أحمد زكي أبو شادي:

جلستُ أُطالعُ ما مضى،
وفي خافقي وَجَلٌ…
وفي ناظري سَنا
ذكرتُ خطاياي،
لا عن خنوعٍ،
ولكنْ…
لكي أستبينَ المنى
وشابتْ رؤايَ،
وليست تشيخ الروحُ…
ولكنْ
تعبتْ من ركودِ الدنا
تقدّمني الذنبُ،
يمشي هُوَينا…
كأنّ العمر بهذا احتَفَى
وتحت خُطايَ،
وفوقَ جفوني،
سؤالٌ…
أأرجو،
وكلُّ الرجاء انطفى؟
فناديتُ ربّي:
أأخطأتُ دربي؟
أم القلبُ ضلّ…
فأدناهُ مَن عَرَفَا؟

إسماعيل صبري:

جلستُ أُحاورُ نفسي الحزينهْ
وقد أدمنتْ في الخطايا السكينهْ
تذكّرتُ ما فات من سهو عمري،
فآهٍ لذنبٍ… يجاري حنينهْ
وشابتْ رؤايَ،
وفي كلّ وقتٍ
أرى الدهرَ ينأى،
ويزوي سنينهْ
ذنوبي أمامي،
وتحتي،
ورائي،
تُطوّقني…
كأن روحي سجينهْ
فناديتُ ربِّي،
وفي القلبِ وجْدٌ،
وفي الدمعِ خوفٌ،
وفي الروحِ زينهْ

فاروق شوشة:

جلستُ أُصغي إلى الصوتِ في داخلي
يتلو على القلبِ ذنبَ المسيرْ
تساءلتُ:
كم مرّ من عمرنا؟
وضيّعتُ فيه ضياء البصيرْ؟
وشابتْ رؤايَ،
وليست تشيخ الأيامُ…
لكنّ قلبي غفا في السراب الكبيرْ
تطوّقني خطوتي،
كلّ شيءٍ
يقول:
رجعتَ… ولكنّك كنتَ الأسيرْ
تقدّمني الذنبُ…
كالسائل المتئدِ
يروي على النفسِ كأسَ المصيرْ
فناديتُ ربِّي،
وفي الصوت رجفةُ
محبٍّ
رأى في الرجوعِ الضميرْ

فؤاد حداد:

قعدت أفتّش ف ذاكرتي
على أول خطوة مالتْ
والقلب قال لي:
دي سكة بعيدة…
ومفيهاش غير وجع سابتْ
أنا اللى مشيت برجليّا
وسبت الحكاية تفوت
وفي كلّ سكّة مشيتها
كان الذنب ساكن سكوت
وتحت خطاياّ،
فوقي…
وخلفي بيضحك زماني
ومش لاقي غيرك،
يا ربّ،
يغسل خطايا لساني
وشابت عيوني…
وما شبّش قلبي الخفيف
أنا اللى غلطت كتير،
بس راجع بندم كالنزيف

كامل الشناوي:

جلستُ…
وكان المساءُ يطيلُ السؤالْ
وفي القلب شيءٌ
يشبهُ موتَ الجمالْ
أُفتّش عنّي،
وعن خطوتي…
وعن الذنبِ يمشي على ظليَ المرتجفِ الكسيرْ
شعرتُ بخوفي عليّ،
وما كنتُ أعلمُ
أن الخطايا…
تشيخُ معي كالعصيرْ
وشابتْ أمانِي،
وشابَ الرجاءْ،
كأنّي تركتُ على الدربِ صوتي…
ولم أعد أعرف الاسمَ،
أو الانتماءْ
ذنوبيَ حولي…
تغازلُ ضعفي،
تقول:
“رجعتَ؟”
فقلتُ:
نعم…
لكن قلبي غريبُ الهواءْ

حافظ إبراهيم:

جلستُ أُقلّبُ في القلبِ خطوَ المدى،
وأجترُّ ذنبي على مهلِ السُّهْدِ
وشابتْ رؤايَ، وما الشيبُ في مفرقي
سوى ندمٍ صامتٍ… في يد الفقدِ
تقدّمني الذنبُ…
في كلِّ سطرٍ مشيتُ بهِ،
وتحت خطايَ،
كأنّي على لَغَبِ الوَقدِ
ورائيَ قولٌ،
وفي جانبيَّ
خطايايَ تسري
كسيلٍ جرى من يدِ الوَفْدِ
فناديتُ ربّي،
وقد ضاق بي مأمني،
وعاد الرجاءُ إليكَ بلا عقدِ

محمود سامي البارودي:

جلستُ أُعاتبُ نفسيَ في خلوةٍ
سَكَنتْ بها النفسُ بعدَ العَنَاءْ
ذكرتُ الذنوبَ، فهاجَ الأسى،
وأظلمَ وجهيَ رغم الضياءْ
وشابتْ رؤاي،
وما الشيبُ إلا
نذيرُ القلوبِ،
إذا ما غفَتْ في الرخاءْ
تقدّمَ ذنبي،
كأنّي أسيرٌ
يسيرُ إليهِ…
بغيرِ ارتجاءْ
وتحتَ خُطايَ،
كأنّ الخُطا
جناياتُ عمرٍ…
تمادَتْ بغيرِ انقضاءْ
فناديتُ ربّي،
وفي القلبِ نارٌ،
وفي العينِ دمعٌ،
وفي الصدرِ رجوى البقاءْ

مصطفى صادق الرافعي:

جلستُ…
وفي القلبِ وجعٌ ثقيلْ
كأنّي حملتُ خطايا الجبالْ
تذكّرتُ ما قد جنيتُ… فها
حنينيَ يبكي،
وخوفي تلالْ
وشابتْ رؤايَ…
وما الشيبُ إلا
نُضوجُ الندامةِ بعدَ الضلالْ
فأين الفرارُ؟
وذنبٌ أمامي
وتحتي… وفوقي…
يُحاصرُني كالخيالْ
فناديتُ ربّي،
وفي الصوتِ رجعُ
دعاءِ الفقيرِ…
إذا ما تهادى إليه الجَلالْ

صلاح جاهين:

قعدت لوحدي…
أفتّش ف قلبي على أول سهوة
على ضحكة كانت بتموّت
وعيني ما كانتش شايفاها جوّه
رجليّا ماشية…
وتحت الخطا
ذنب بيضحك،
وبيشدّني للسّكّه بالقوّه
وشاب التعب،
وشابت عيوني
من كتر ما القلب تاه
وألاقيني ف نُصّه سهوه
أنا اللى جرحت في حلمي،
ونسيته ف أوّل الطريق
دلوقتي راجع…
وأنا ساكت،
لكن في سكوتي… غريق
يا رب،
يا واسع الرحمه،
أنا اللى غلطت
بس جاي لك
بقلب رقيق

صلاح عبد الصبور:

جلستُ…
وفي القلبِ ظلُّ سؤالْ
أهذا أنا؟
أم بقايا احتمالْ؟
تُرى…
هل تذكرني الطرقاتُ؟
وهل يعرفُ الذنبُ أين يُقال؟
وشابتْ رؤايَ… وثم انطفأتْ
تحت دمع الجبالْ
رأيتُ الخطايا أمامي
كأني أراها بمرآةِ ذاتي
فأبكي على من مضى…
وعلى ما يزالْ
تقدّمني الذنبُ،
حتى ظننتُ
بأن الرجوعَ…
خيالٌ يُقالْ
فناديتُ: ربّي…
أما آن أن
يعودَ إليكَ
الذي في الضلال؟

محمد الماغوط:

جلستُ…
كأنني بائعُ أوهامٍ مُفلس،
أحصي ذنوبيَ على أصابعي المرتجفة،
ثم أبدأ من جديد
لا شيء في جيبي
إلا ورقةٌ مكتوبٌ عليها:
“كنتُ أحلمُ… فقط!”
تحت قدميّ الذنبُ،
وفوق كتفيّ الذنبُ،
وفي جيوبِ معطفي ثقوبٌ
يتسللُ منها التاريخُ هاربًا
أمامي مرآة،
لكنني لا أرى وجهي
أرى فقط صدى خطواتي
وهي تتقدّم في الاتجاه الخطأ
ناديتُ:
يا ربّ،
أنا النوايا الطيبة
والقرارات الخاطئة…
فهل تكفي النيةُ وحدها للغفران؟

أبو القاسم الشابي:

جلستُ…
وما بي سوى رعشةٍ
من ذنوبٍ تسلّلت في المدى
تذكّرتُ نفسي…
وما كنتُها،
وما كنتُ أرجو…
سوى ما بدا
وشابتْ رؤاي،
كأنّ الزمانَ
سقاني المرارةَ جرعةَ صدى
أمامي خطايايَ،
تحتَ خُطايَ،
ورائي الملامُ…
وفي خاطري الردى
فناديتُ ربّي…
وهل لي سواك؟
إذا ما انطفأتْ شُموسي غدا
رجائيَ أنت،
وإن جارَ وقتي
وإن ساء فعلي،
فمنك الهُدى

مي زيادة:

جلستُ…
وفي القلبِ صمتٌ طويلْ
كأنّي أُرتلُ حزني الخجولْ
خطايَ تُعيدُ إليّ الخطايا
كأني مشيتُ ولم أستدلْ
وشابتْ رؤاي،
وهل في رؤايَ
سوى لحظةٍ
تبكي ثم تذوبُ وتنسلْ؟
تحتَ خطايَ خطايا قديمةْ،
وفوقي همومٌ
تُخبّئ بين الطيوفِ سؤاليَ الأوّلْ
فناديتُ:
يا من يراكَ الحنينُ إذا ضلّ،
هل من رجوعٍ،
إذا خافتِ النفسُ… أن تكتملْ؟

غازي القصيبي:

جلستُ…
وفي القلبِ نصلُ السؤالْ
أما آن أن أستفيقَ؟
أما آن أن يرتوي في جراحي الخيالْ؟
ذكرتُ الخطايا،
فسالَ الزمانُ على وجنتيّ،
كأنّي كتبتُ الأسى بالحروفِ الثقالْ
وشابتْ رؤايَ،
وما كان شيبيَ من زمنٍ،
بل نضوجُ الخطأ حين صارت رؤايَ رمالْ
تقدّمني الذنبُ،
أحرقني،
ثمّ قال:
أأنتَ الذي كنتَ تكتبُ لحنَ الكمالْ؟
فقلتُ: إلهي،
أنا ذلك الموجُ
ضلّ السفينةَ
ثمّ ارتمى في الجبالْ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top