يَا مَنْ رَحَلْتَ وَرِيحُ الشَّوْقِ تَتَّقِدُ
وَالْمَوْجُ خَلْفَكَ فِي الأَشْوَاقِ يَتَّحِدُ
•••
تَرَكْتَ أَرْضَكَ وَالأَحْبَابُ تَنْتَحِبُ
رَحَلْتَ أنتَ وَهُمْ فِي القَلْبِ مَا بَعُدُوا
•••
وَفِي الرِّيَاضِ، فَضَاءٌ وَاسِعٌ أَبَدًا
لَكِنَّهُ ضَيِّقٌ إِنْ غَابَ مَنْ وُجِدُوا
•••
تَصْحُو وَحِيدًا، وَعَيْنُ الفَجْرِ تَسْأَلُكَ
مَتَى تَعُودُ؟ وَلَيْلُ الصَّمْتِ يَرْتَعِدُ
•••
لَكِنَّ فِي القَلْبِ إِيمَانًا يُعَانِقُهُ
صَبْرُ الغَرِيبِ إِذَا مَا الحُلْمُ مُفْتَقَدُ
•••
فَرُبَّمَا لَاحَ فَجْرٌ بَعْدَ غُرْبَتِهِ
وَعَادَ يَمْلَأُ صَدْرَ البَيْتِ مَنْ فُقِدُوا
•••
قَدْ تُجْبِرُ المَرْءَ أَقْدَارٌ تُلَاحِقُهُ
فَيَسْلُكُ الدَّرْبَ لا أَهْلٌ وَلا بَلَدُ
•••
يَسْعَى لِيَجْمَعَ قُوتَ الأَهْلِ مُجْتَهِدًا
وَيَحْمِلُ الهَمَّ حَتَّى يَسْكُنَ الكَمَدُ
•••
هَذَا ابْنُ بَطُّوطَةٍ جَابَ الدُّنَا سَفَرًا
يَخُطُّ فِي الأُفُقِ تَارِيخًا وَيَعْتَمِدُ
•••
أَمَّا الغَرِيبُ فَقَدْ ضَاقَتْ مَعِيشَتُهُ
فَهَاجَرَ اليَوْمَ لا شَوْقٌ وَلا رَغَدُ
•••
يَسْعَى لِيَكْسِبَ عَيْشًا كَيْ يُعِيلَ ذَوِيهِ
وَيُطْفِئَ الجُوعَ، لا يَحْدُو بِهِ مَجْدُ
•••
كَمْ مِنْ غَرِيبٍ لَهُ أَوْطَانُهُ احْتَشَدَتْ
لَكِنَّهُ فِي فُؤَادِ العُمْرِ مُنْفَرِدُ
•••
فَالغُرْبَةُ الكُبْرَى أَنْ تَلْقَى حَيَاتَكَ فِي
مِرْآةِ ذَاتِكَ لَكِنْ لا يَرَى أَحَدُ
•••
وَالنَّاسُ فِي ضِيقِ عَيْشٍ قَدْ يُكَابِدُهُمْ
لا بُدَّ صَبْرٌ، فَبِالصَّبْرِ الشَّقَاءُ يُرَدُّ
•••
وَاثْبُتْ عَلَى الدَّرْبِ لا تَيْأَسْ وَإِنْ عَسُرَتْ
خُطُوَاتُكَ اليَوْمَ، فَالْبُشْرَى لِمَنْ صَمَدُوا
•••
وَسَيُشْرِقُ الفَجْرُ بَعْدَ اللَّيْلِ مُبْتَسِمًا
فَالْيَأْسُ يُمْحَى لِمَنْ صَبَرُوا وَمَنْ جَلَدُوا