قصة سريعة– النبيل
وقف ينظر للشمس وهي تزيح الظلام من طريقها رويداً رويداً، يفكر.
ربما لو استيقظنا من نومنا يومًا ووجدنا مشكلات الحياة قد استيقظت من نومها مبكرًا قبل أن نفيق نحن وقبل أن ينبعث ضوء النهار، وحزمت أمتعتها وألقت علينا نظرة إشفاق ونحن مازلنا ننام هناك في وداعة حيث لا نَظْلِم ولا نُظْلَم، ثم طبعت قُبْلَةً على جبيننا وذرفت دمعة فراق ملتهبة، ووقفت على باب بيتنا وألقت نظرة وداعٍ أخيرة، ثم أشاحت بوجهها بعيدًا وأغلقت الباب خلفها وانطلقت حاملةً أمتعتها تحت جنح الظلام الذي يبدده انفجار ضوء ضعيف، وهرولت وركضت حتى اختفت للأبد.
ربما لو استيقظنا ووجدنا مشاكلنا فعلت هذا وغادرت، لَـتَـرَكْنَا حياتنا كلها من أجل البحث عنها وخرجنا في أعقابها مهرولين راكضين، وربما لا نعود حتى تعود هي أو نفنى قبل أن نصل إليها، ربما من الصعب علينا أن نفارقها أو تفارقنا، ربّما كانت هذه طبيعتنا؛ نتفاعل مع الكبد والمشقة والمشاكل حتى نَنْضُج، وربّما نحن في هذا مثل الذهب؛ ذلك الفلز النبيل الثمين ذو اللون الأصفر المائل للحمرة الذي يُستخرج غالبًا من باطن الأرض؛ كان مَدْفُونًا، يُعالَجُ، يُصْهَرُ؛ يُنَقّى، يَلْمَع، ربّما.