تحليل شامل للدرجة 33

Ordo ab Chao: الدرجة ٣٣ والطقس الأسكتلندي
Ordo ab Chao: تحليل شامل للدرجة ٣٣ والطقس الأسكتلندي القديم والمقبول في الماسونية
مقدمة: تفكيك قمة الهرم السري – الدرجة ٣٣

تثور التساؤلات حول مدى دقة عبارة المهندس حاتم سليم في رواية إخلاء سبيل التي قال فيها إن:

«أعلى درجة في التنظيمات السرية هي ٣٣»

هذا الرقم، على وجه الخصوص، أصبح مرادفًا للغموض والسلطة المطلقة في الخيال الشعبي العالمي. وفي الواقع، فإن هذا الافتراض صحيح جزئيًا؛ فالدرجة ٣٣ هي بالفعل الدرجة الأعلى والأكثر شهرة ضمن فرع محدد ومؤثر من الماسونية، يُعرف باسم الطقس الأسكتلندي القديم والمقبول (Ancient and Accepted Scottish Rite).

ومع ذلك، فهي ليست قمة هرمية موحدة لجميع الجمعيات السرية، بل هي ذروة نظام فلسفي معقد داخل منظمة واحدة.

الكون الماسوني
1: المحفل الأزرق – حجر الزاوية في الماسونية

قبل الخوض في تعقيدات الدرجات العليا، من الضروري فهم الأساس الذي تقوم عليه الماسونية بأكملها. هذا الأساس هو ما يُعرف بـ الماسونية الرمزية أو المحفل الأزرق (Blue Lodge)، والذي يتكون من ثلاث درجات تأسيسية:

درجة التلميذ المستجد (Entered Apprentice)، ودرجة زميل الصنعة (Fellow Craft)، ودرجة الأستاذ الماسوني (Master Mason).

هذه الدرجات الثلاث هي حجر الزاوية والجذر المشترك لجميع فروع الماسونية في العالم، ولا يمكن لأي شخص أن يتقدم إلى أي درجة أعلى في أي طقس دون أن يكون قد أتمّ درجة الأستاذ الماسوني أولاً.

وهذه الدرجات الثلاث إنما تمثل رحلة رمزية للعضو الجديد المرشح، من الظلمات إلى النور(بزعمهم).

وهو ما يظهر في طقوس القبول؛ إذ لا تبدأ تلك الطقوس إلا بوضع عصابة على عيني المرشح، وهو ما يفسره الماسونيون كرمز لحالة الجهل (الظلام) التي كان يعيشها قبل أن يبدأ رحلته نحو المعرفة والحقيقة داخل المحفل، ثم تُزال تلك العصابة في لحظة رمزية من الطقس، ليمثل ذلك استقباله للضياء أو المعرفة الماسونية، كذلك يُستخدم حبل، يُعرف باسم الرباط (Cable-tow)، ليرمز إلى ارتباط المرشح بالعالم الخارجي قبل أن يُستبدل بروابط الأخوة داخل المحفل.

ومن العجيب أن الدرجات الأولى من الماسونيه تُلقّن مبادئ أخلاقية، أهمها إخضاع الأهواء، والعمل بصدق، والتحلي بالفضائل، وممارسة الإحسان؛ لكن الفضيلة التي يتم التشديد عليها أكثر من غيرها هي السرية التامة، فيُجبر العضو على أن يؤدي قسمًا مهيبًا، واضعًا يده على كتاب مقدس (مثل التوراه أو الإنجيل أو القرآن، حسب معتقده) بينما توجه أسنان الفرجار نحو جانب صدره الأيسر، متعهدًا بالحفاظ على أسرار الصنعة، ولا يعقل أن تكون هذه السرية الشديدة سمةً لمنظمة تسعى فقط اجعل الرجال الطيبين أفضل!

.

وفيما يخص درجة الأستاذ الماسوني (الدرجة الثالثة) فإن الحصول عليها يمثل اكتمال الرحلة الرمزية الأساسية، فعند هذه النقطة، يُعتبر العضو ماسونيًا كاملاً له جميع حقوق العضوية، بما في ذلك الحق في التصويت وحضور جميع اجتماعات محفله؛ والأهم من ذلك، أنه يصبح مؤهلاً لطلب الانضمام إلى الهيئات الماسونية الإضافية، أو ما يُعرف بـالطقوس الملحقة.

2: الطرق المتفرعة – نظرة عامة على الطقوس الملحقة

بعد الحصول على درجة الأستاذ الماسوني، يجد العضو نفسه عند مفترق طرق، حيث يمكنه اختيار تعميق معرفته الماسونية من خلال الانضمام إلى هيئات إضافية تُعرف بالطقوس الملحقة.

وأشهر نظامين ملحقين في العالم، وخاصة في الأمريكتين؛ هما الطقس الأسكتلندي وطقس يورك.

والتمييز بين الطقسين يوضح أن مسار الماسوني بعد الدرجة الثالثة ليس مسارًا واحدًا، بل هو اختيار بين أنظمة فلسفية مختلفة، ونحن إذ نركز على الطقس الأسكتلندي، فما ذلك إلا لأنه النظام الذي يحتوي على الدرجة ٣٣ التي أثارت القدر الأكبر من الجدل والاهتمام، وهي التي تكلم عنها المهندس حاتم سليم في رواية إخلاء سبيل

الطقس الأسكتلندي – سُلّم من ٣٣ درجة نحو الاستنارة!
١: الأصول التاريخية والتطور الفلسفي

على عكس ما يوحي به اسمه، لم ينشأ الطقس الأسكتلندي في اسكتلندا، بل تعود جذوره إلى فرنسا في أوائل القرن الثامن عشر، فلقد ظهرت كلمة “Écossais” (بمعنى “اسكتلندي” بالفرنسية) لأول مرة في سجلات المحافل الفرنسية للإشارة إلى درجات عليا تتجاوز الدرجات الثلاث الأساسية، ويُعتقد أن هذا الارتباط باسكتلندا قد نشأ بسبب لجوء العديد من الماسونيين الاسكتلنديين من أنصار عائلة ستيوارت (اليعاقبة) إلى فرنسا بعد الاضطرابات السياسية في الجزر البريطانية، حيث استأنفوا نشاطهم الماسوني وأثروا في تطور هذه الدرجات العليا.

ولقد كانت هذه الدرجات في البداية عبارة عن مجموعة غير مترابطة من الطقوس والدرجات الفردية، ثم بدأت عملية التوحيد والتنظيم مع طقس الكمال (Rite of Perfection) المكون من ٢٥ درجة، والذي منحه مجلس أباطرة الشرق والغرب في باريس براءة اختراع لتاجر فرنسي يدعى إتيان موران (Etienne Morin) في عام ١٧٦١، مع تفويض بنشره في العالم الجديد.

قام موران ونائبه هنري فرانكن (Henry Francken) بنشر هذه الدرجات في جزر الهند الغربية والمستعمرات الأمريكية، مما مهد الطريق لظهور الطقس بشكله الحديث.

كانت اللحظة التأسيسية للطقس الأسكتلندي القديم والمقبول بشكله الحالي هي تأسيس المجلس الأعلى الأم للعالم (Mother Supreme Council of the World) في تشارلستون، كارولينا الجنوبية، في ٣١ مايو ١٨٠١، ثم قام هذا المجلس بتوسيع نظام الدرجات إلى ٣٣ درجة، وأعلن سلطته على الطقس.

لكن الشخصية الأكثر تأثيرًا في تشكيل الفلسفة الحديثة للطقس الأسكتلندي هو ألبرت بايك (Albert Pike)، الذي شغل منصب القائد الأعلى للولاية القضائية الجنوبية في الولايات المتحدة لمدة ٣٢ عامًا (١٨٥٩-١٨٩١).

فلقد قام بايك بمراجعة وإعادة كتابة جميع طقوس الدرجات من ٤ إلى ٣٢ بشكل منهجي، وجمع فلسفتها في كتابه الضخم الأخلاق والعقيدة (Morals and Dogma of the Ancient and Accepted Scottish Rite of Freemasonry).

ولذلك يُنسب الفضل إلى بايك في تحويل مجموعة من الطقوس المشتتة إلى نظام فلسفي متماسك ومتكامل، يهدف إلى استكشاف الحقائق الكبرى في الأديان والفلسفات عبر التاريخ.

وشعار الطقس، Ordo ab Chao (النظام من الفوضى)، يلخص فلسفته الأساسية، فهو يشير إلى خلق الفوضى من أجل فرض النظام.

٢: هيكل الصعود – فحص تفصيلي للدرجات

يتكون الطقس الأسكتلندي من ٢٩ درجة إضافية بعد الدرجات الثلاث الأولى، تُمنح داخل أربع هيئات أو أجسام متتالية، وكل هيئة لها موضوعها الفلسفي الخاص، وتُقدم الدرجات في شكل مسرحيات رمزية تهدف إلى تلقين دروس أخلاقية وفلسفية، وليس منح سلطة عملية، والتقدم عبر هذه الدرجات ليس مجرد ترقية، بل هو إتمام لمنهج دراسي متكامل.

القمة – الدرجة الثالثة والثلاثون (المفتش العام الشرفي) وما قبلها
محفل الكمال (الدرجات ٤-١٤): البحث عن الحقيقة

تتمحور هذه الدرجات الأحد عشر حول أسطورة بناء هيكل سليمان، وتستكمل قصة مقتل المعماري حيرام أبي التي تُروى في درجة الأستاذ الماسوني، وتركز الدروس على فضائل مثل الواجب، والطاعة، والإخلاص، والسرية؛ أما الدرجة الرابعة عشرة، المختار الكامل، هي ذروة هذا المحفل، حيث يتعلم الماسوني أن الحقيقة الأسمى لا توجد في العالم الخارجي بل من خلال التأمل والنظر إلى الذات.

مجمع الصليب الوردي (الدرجات ١٥-١٨): القانون الجديد

تنتقل هذه المجموعة من الدرجات من رمزية العهد القديم إلى ما تسميه القانون الجديد القائم على الحب والتضحية والإيمان، فالدرجة الثامنة عشرة، فارس الصليب الوردي، هي من أشهر الدرجات الماسونية، وتستخدم هذه الدرجة أيقونات مسيحية (الصليب والوردة).

مجلس القادوش (الدرجات ١٩-٣٠): سعي الفرسان

تُعرف هذه الدرجات بأنها فلسفية وفروسية، وتستلهم الكثير من إرث فرسان الهيكل، كرمز للنضال ضد الطغيان السياسي والتعصب الديني، ممثلين في السلطة الملكية المطلقة (الملك فيليب الرابع) والسلطة الدينية الدوغمائية (البابا كليمنت الخامس)، وبالتالي، يكون “الانتقام” الذي يقسم عليه “فارس القادوش” (الدرجة ٣٠) انتقامًا دمويًا، وتعهدًا رمزيًا بمحاربة الجهل والظلم أينما وجدا على حد زعمهم.

المجمع الأعلى (الدرجات ٣١-٣٢): السر الملكي

هاتان الدرجتان هما تتويج للمسيرة التعليمية في الطقس الأسكتلندي؛ فالدرجة الحادية والثلاثون، “المفتش الباحث”، تعلم الماسوني أن يحكم على نفسه بالصرامة نفسها التي يحكم بها على الآخرين. أما الدرجة الثانية والثلاثون، “سيد السر الملكي”، فهي تكشف عن “السر” النهائي للطقس: وهو أن الكون محكوم بتوازن بين قوى متعارضة (النور والظلام، الخير والشر، الخلق والدمار)، وأن مهمة الماسوني هي أن يكون عاملاً فاعلاً في تحقيق التوازن والانسجام، ليخلق بذلك “النظام من الفوضى” في حياته وفي مجتمعه، وهذه الدرجة هي أعلى درجة يمكن للماسوني أن “ينالها” من خلال التقدم الطبيعي في الطقس.

القمة – الدرجة ٣٣ (المفتش العام الشرفي)
1: شرف يُمنح، ورتبة تُكتسب

خلافًا لجميع الدرجات السابقة، فإن الدرجة الثالثة والثلاثين ليست درجة يمكن للمرء أن يسعى إليها أو يكتسبها من خلال إتمام منهج دراسي، ولكنها مرتبة شرفية حصرية تُمنح ولا تُطلب، يمنحها المجلس الأعلى للطقس في ولايته القضائية لعدد محدود من الماسونيين من الدرجة ٣٢ الذين قدموا خدمات استثنائية وجليلة للماسونية، أو لوطنهم، أو للإنسانية جمعاء، وهذا الطابع الفخري والانتقائي هو جوهر مكانتها وأحد أهم مصادر هالتها الأسطورية.

ومن الضروري التمييز بين نوعين من حاملي هذه الدرجة؛ النوع الأول والأكثر عددًا هم “المفتشون العامون الشرفيون” (Inspector General Honorary)، الذين يحملون الدرجة كتقدير لإنجازاتهم ولكن ليس لديهم سلطة إدارية في حكم الطقس. النوع الثاني، وهم قلة قليلة، هم “المفتشون العامون السياديون” (Sovereign Grand Inspectors General)، وهم الأعضاء “العاملون” (Active) الذين يشكلون المجلس الأعلى الحاكم للطقس في منطقتهم.

٢: عملية الاختيار والشارات

إن عملية الاختيار للدرجة ٣٣ محاطة بالسرية وتخضع لمعايير صارمة. لا يمكن لأي ماسوني أن يرشح نفسه أو يطلب الحصول عليها؛ بل يتم الترشيح من قبل الأعضاء الحاليين في المجلس الأعلى، بناءً على مراقبة طويلة لسيرة المرشح ومساهماته، وتشمل المعايير عادةً خدمة طويلة ومتميزة في مناصب قيادية داخل هيئات الطقس الأسكتلندي، وسجلاً حافلاً في الأعمال الخيرية، وسمعة لا تشوبها شائبة في حياته المهنية والعامة، وفي بعض الولايات القضائية، يوجد شرط زمني، مثل ضرورة مرور ٤٦ شهرًا على الأقل بعد الحصول على درجة شرفية سابقة قبل أن يصبح العضو مؤهلاً للنظر فيه لهذه الدرجة.

ويتميز حاملو الدرجة ٣٣ بشاراتهم الخاصة، وأبرزها غطاء الرأس (قبعة حمراء في الولاية القضائية الجنوبية بالولايات المتحدة) والخاتم الذي يحمل شعار الدرجة، وهو ما يميزهم في التجمعات الماسونية.

٣: حراس الأسرار؟

بسبب طبيعتها الحصرية، أصبحت الدرجة 33 المحور الذي تدور حوله معظم نظريات المؤامرة المتعلقة بالماسونية، إذ يُنظر إليها على أنها الدائرة الداخلية المطلقة، “أهل الثقة” الذين تُكشف لهم أخيرًا الأسرار الحقيقية والأهداف النهائية للمنظمة، والتي ظلت مخفية عن أعضاء الدرجات الأدنى، ويُعتقد أن قسم الولاء في هذه الدرجة هو الأشد قسوة، وأن عقوبة خرقه هي الأقسى.

بينما من وجهة نظر الماسونية الرسمية، لا توجد أسرار عقائدية أو سياسية جديدة تُكشف في الدرجة ٣٣، وأن الدروس الفلسفية الأساسية قد تم تقديمها بالكامل في الدرجة ٣٢، فيما لا تتجاوز الدرجة ٣٣ كونها تكريمًا واعترافًا بأن حاملها قد استوعب هذه المبادئ وعاش حياته وفقًا لها؛ أي إنها ليست درجة “معرفة” بل درجة “تقدير”. ومع ذلك، فإن هذا التفسير الرسمي ليس محل ثقة من قبل النقاد، فالمفارقة تكمن في أنه كلما أصر الماسونيون على أن الدرجة ٣٣ هي “مجرد شرف”، دلّ ذلك على أنهم يحاولون إخفاء شيءٍ أعظم؛ فإصرارهم على الإنكار، عند النظر إليه بعدسة الفحص، يُفسر على أنه دليل إضافي على وجود سر عميق يرغبون في حمايته، مما يجعل هالة الغموض المحيطة بالدرجة ٣٣ تعزز نفسها بنفسها.

ومن ثم فإن وظيفة الدرجة ٣٣ داخل المنظمة تتجاوز مجرد التكريم، لأنها تعمل كآلية قوية للحفاظ على التماسك التنظيمي والولاء طويل الأمد، وذلك من خلال خلق هدف سامٍ، حصري، ولا يمكن السعي إليه بشكل مباشر، يحفز الأعضاء على التفاني في الخدمة والتطوع لسنوات طويلة، على أمل أن يتم اختيارهم يومًا ما لهذا الشرف الرفيع؛ وبهذا، تضمن المنظمة استمرارية قيادتها وتفاني أعضائها الأكثر خبرة.

الاختلافات العالمية والتحليل المقارن
١: الطقس الأسكتلندي حول العالم

من الأخطاء الشائعة اعتبار الطقس الأسكتلندي منظمة عالمية موحدة ذات قيادة مركزية، بينما في الواقع، يتكون الطقس من شبكة من “المجالس العليا” المستقلة والسيادية، كل منها يحكم ولايته القضائية الخاصة، وهذا الهيكل اللامركزي قد أدى إلى تطور اختلافات كبيرة في الطقوس والممارسات والأسماء بين الدول المختلفة.

الولايات المتحدة: الولايتان القضائيتان الجنوبية والشمالية

في الولايات المتحدة وحدها، يوجد مجلسان أعلى مستقلان: الولاية القضائية الجنوبية (تأسست عام 1801 وتعتبر “المجلس الأعلى الأم”)، والولاية القضائية الماسونية الشمالية (تأسست عام 1813). لكل منهما طقوسه الخاصة وأسماء درجاته، وقد قامت الولاية الشمالية بمراجعات جذرية لدرجاتها في السنوات الأخيرة لتحديث رسائلها الأخلاقية.

أوروبا (فرنسا والمملكة المتحدة)

تختلف الممارسة في أوروبا بشكل كبير عن النموذج الأمريكي. في فرنسا، يُعرف الطقس بتوجهه الفلسفي والفكري العميق، وغالبًا ما يُمارس الطقس الأسكتلندي بدءًا من الدرجة الأولى في المحافل الزرقاء. أما في إنجلترا وويلز، فيُعرف الطقس بشكل شائع باسم “الصليب الوردي” (Rose Croix)، حيث لا تُمارس فعليًا سوى الدرجة 18، بينما تُمنح الدرجات الأخرى اسميًا فقط. والوصول إلى الدرجات ما بعد 18 هو أمر نادر وحصري للغاية.

كندا وأمريكا اللاتينية

يُظهر الطقس في كندا مزيجًا من التأثيرات الأمريكية مع الحفاظ على عناصر وطنية خاصة. وفي أجزاء من أمريكا اللاتينية، مثل الأرجنتين، يُعد الطقس الأسكتلندي هو الطقس الافتراضي للمحافل الرمزية (الزرقاء)، على عكس الولايات المتحدة حيث ينضم الأعضاء إليه بعد إتمام الدرجات الثلاث في طقوس أخرى.

ومن أبرز الاختلافات العالمية هو “سرعة التقدم”. في الولايات المتحدة، من الشائع أن يحصل العضو على الدرجات من 4 إلى 32 في جلسات مكثفة تُعرف بـ “اللقاءات” (Reunions) قد تستمر ليوم أو يومين فقط. هذا النهج، الذي يمكن اعتباره “أمركة” للطقس، يعكس ثقافة الكفاءة والتنظيم على نطاق واسع. في المقابل، يتطلب التقدم في أوروبا وأمريكا الجنوبية سنوات طويلة من الدراسة والممارسة الفعلية لكل درجة، مما أدى إلى بعض التوترات وعدم الاعتراف المتبادل بالدرجات بين بعض الولايات القضائية.

٢: مسار موازٍ – طقس يورك

لإكمال الصورة، لا بد من مقارنة الطقس الأسكتلندي بنظيره الرئيسي، طقس يورك. يتكون طقس يورك من هيئات منفصلة لكل منها درجاتها الخاصة: الدرجات الرأسية (Capitular Degrees) التي تبلغ ذروتها في درجة “القوس الملكي” (Royal Arch)، والدرجات المبهمة (Cryptic Degrees)، والأوامر الفروسية (Chivalric Orders) التي تشمل “فرسان الهيكل” (Knights Templar).

يتميز طقس يورك بهيكله التنظيمي الديمقراطي واللامركزي، على عكس الهيكل الهرمي للطقس الأسكتلندي. فلسفيًا، يركز طقس يورك بشكل أكبر على توسيع وشرح أساطير الدرجات الثلاث الأولى، مع تركيز قوي على التراث اليهودي-المسيحي، ويصل إلى ذروة مسيحية صريحة في أوامر فرسان الهيكل، التي تتطلب من أعضائها أن يكونوا مسيحيين. هذا يجعله مختلفًا عن الطقس الأسكتلندي الذي يتبنى نهجًا أكثر عالمية وتوفيقية في استكشافه للأديان والفلسفات.

ظل الهيكل – المؤامرة والجدل والنقد
المؤامرة الكبرى – السيطرة على العالم

وفق النظريات الثلاث التالية :

  • النظام العالمي الجديد: النظرية الأكثر شيوعًا هي أن الماسونيين من الدرجة 33 يشكلون النخبة الحاكمة في مؤامرة لإنشاء «نظام عالمي جديد» – حكومة عالمية استبدادية تقضي على السيادة الوطنية والأديان التقليدية.
  • الارتباط بالصهيونية: يُتهم الطقس بشكل متكرر بأنه واجهة لمؤامرة يهودية أو صهيونية عالمية، مستشهدين برموز مثل نجمة داود والتركيز الرمزي على إعادة بناء هيكل سليمان كدليل على هدفهم المتمثل في السيطرة على العالم وتحقيق المصالح اليهودية.
  • عبادة الشيطان: ربما تكون هذه هي التهمة الأكثر إثارة، حيث يُزعم أن الماسونيين في الدرجات العليا يتخلون عن إيمانهم بـ «مهندس الكون الأعظم» ويكشفون عن عقيدتهم الحقيقية المتمثلة في عبادة الشيطان، تحت أسماء مثل لوسيفر أو بافوميت، ويظهر ذلك في كتابات ألبرت بايك، مثل الإشارة إلى «الضوء الرابع العظيم» في الدرجة 20 على أنه إشارة إلى إبليس.

ومن المثير للاهتمام أن هذه النظريات هي عكس ما يدعيه الماسونيون ويعلنونه من مبادئ فالماسونيون يزعمون أنهم أصحاب مبدأ “الأخوة العالمية” وهو في الحقيقة ينقلب إلى “مؤامرة للسيطرة على العالم”؛ وهم عندما يدّعون أنهم ينشرون “النور” المعرفي والروحي فإن هذا تفسيره أنه ينشرون “نور” لوسيفر؛ والهدف الرمزي المتمثل في بناء هيكل روحي داخل الفرد هو في الواقع خطة سياسية لبناء هيكل مادي في القدس.

خاتمة: الإرث والغموض الدائم

في نهاية المطاف، الدرجة 33 في الطقس الأسكتلندي القديم والمقبول هي مفتاح للسيطرة على العالم، تمامًا كما أنها تكريم لأفراد قلائل كرسوا حياتهم لخدمة مبادئ الماسونية التي تعلموها عبر رحلة رمزية طويلة ومعقدة. إنها ذروة نظام تعليمي فلسفي، وقمة هرم قيادي في آن واحد. بشكل عام، تعمل الماسونية عند تقاطع فريد بين السرية والحياة العامة، بين النخبوية والأخوية، بين التاريخ والأسطورة. أما الدرجة 33، في جوهرها، فهي مرآة من وجهين أحدهما يعكس صورة جميلة لأعضائها المغفلين عن أهدافها الحقيقية، والوجه الثاني داخلي يعكس الأسرار الحقيقية للمنظمة، تلك الأسرار التي إذا بلغت درجتها وعرفتها فقد فات أوان التراجع.

1 فكرة عن “تحليل شامل للدرجة 33”

  1. Pingback: رواية إخلاء سبيل» الفصل الثاني عشر | سمير حيطاوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top