
رواية إخلاء سبيل الفصل الخامس
قاد آدم سيارة حاتم إلى منزله الجاثم بين الأراضي الزراعية، طابقين من حجارة عارية لم تمسسها يد الطلاء، لا زينة فيه ولا رفاهية.نظرات المارة تلاحقه بفضول، والنسوة الجالسات على المصاطب يهمسن: «كيف اشترى هذه السيارة؟ ومتى؟ هل وقع على كنز؟»نزل آدم من السيارة عابسًا، خطاه ثقيلة كتلك التساؤلات المتزاحمة في رأسه، والدته تنتظره عند الباب، وجهها مشحون بالغضب، وعيناها تلمعان بالاتهام: «هل قتلت صديقك ودفنته في العتل وسرقت سيارته؟»حدّق فيها بصمتٍ مريب، وكأن صوتها ارتطم بصخرة حزنٍ داخله، لم يجبها، ولم يتوقف صدى كلماتها عن التردد في أرجاء البيت حتى وصل إلى والده، الذي أطلق صوته غاضبًا من أعماق المنزل: «آه يا حرامي! يا لص! يا قاتل!»لم تشف هذه الشتائم غليل والده، رفع القلّة وقذفها باتجاه آدم، ارتطمت به فانكسرت نصفين، تعلّق أحدهما برأسه كأنه طاقية، وهوى الآخر على الأرض وتناثرت أجزاؤه، وقف آدم ينظر ببلاهة، ثم قال ساخرًا كأنه منفصل عن الواقع: «هل تُخيّرني؟ إذن سأحذف إجابتين!»تفاديًا للمقذوف التالي، ركض إلى الطابق العلوي بسرعة، ثم نادى على أمه كأن شيئًا لم يحدث، طالبًا منها أن تحضر له الغداء، فأجابته بحنان لا يتناسب مع العنف الذي قابلته به بالأسفل: «حاضر يا حبيبي.»أما أبوه، فقال متذمرًا: «حضري له الغداء، ولنبحث عن أحد يشتري هذه السيارة!»