رغم شدة ضوء الكشافات التي تشق ظلام الحفرة، عجز شباب البلد عن رؤية ما يجري في الأعماق. صمتٌ لا يوحي بحركةٍ أسفل منهم. ظلامٌ لم تبدّده شراراتُ الغضب في عيني ضياء. هدوءٌ لم تزعزعه ارتعاشات جسد آدم المكبّل، ولا اصطكاك أسنانه في فمه الموصد بشريط لاصق. سكونٌ كسكينة الشيخ عبد الواحد الذي يحتفظ بثباته رغم شد وثاقه وتكميم فمه هو الآخر.
أصدر ضياء أمره بقتل آدم والشيخ بالطريقة نفسها التي قُتِل بها حالة.
تقدم أشرف نحو الشيخ بحذر واضعًا السكين على عنقه، فإذا بنداءاتٍ تتردّد من الأعلى باسم آدم والشيخ. تجمّد أشرف على الفور، وحدّق في ضياء ينتظر الإشارة، فأومأ ضياء بالانتظار.
أبعد أشرف السكين عن الشيخ، ثم جرّهما نحو الفوهة المؤدية إلى الغرفة الأعمق. اقترح إبراهيم تركهما حتى لا يكونا عبئًا عليهم، فهمس ضياء رافضًا: «لن نتركهما هنا. قد نحتاجهما للتفاوض، أو نتخلص منهما لاحقًا.»
أومأ إبراهيم سريعًا، وأحكم قيود آدم والشيخ، ثم ألقى حبلًا وثبّته، وهبطوا بهما إلى الغرفة الأعمق، تاركين فوقهم الغرفة كأنها لم تشهد شيئًا.
في تلك اللحظة، بدأ بعض شباب البلد يهبطون إلى الغرفة الأولى، لا يدرون شيئًا عما يجري في الأعماق. ينادون نداءاتٍ متقطعة، وكشافاتهم يتأرجح ضوؤها على الجدران وهم يفتشون عن أي أثرٍ يدلّهم على آدم أو الشيخ عبد الواحد، ولم يكونوا يشعرون بما يختبئ لهم تحت أقدامهم.