رواية إخلاء سبيل الفصل الرابع عشر

إخلاء سبيل – الفصل ١٤
الفصل الرابع عشر

نظر حاتم مجددًا إلى النقش المحفور في الجدار بتمعنٍ، وفي ذهنه ترددت كلمات هالة: «يبدو أنه طريق الخروج…!»

استعاد كلمات الشيخ الغامضة، تلك التي بدت في البداية بلا معنى، ثم عاد يتأمل النقش ويتمتم: «[١١] غلبوا [١١] … و[١٠] غلبوا [١١] … و[١] غلب [١١].»

تحسس بأطراف أصابعه النقش، فأدرك أنه دائرة مقسومة بخطٍ من المنتصف، في النصف الأعلى منها حفرة مستطيلة صغيرة، أما النصف السفلي فيحتوي على سلسلة من الحفر المستطيلة، عددها عشرة، بالإضافة إلى حفرة دائرية صغيرة.

تأمل النقش بتدقيق، ثم قال بحماس: «هذا النقش يبدو كأنه ترس، نعم ترس، يمكننا تحريكه للأعلى وللأسفل… انظري!»

وبمجرد تحريك الترس بدأت الحفر تدور في الاتجاه المعاكس لحركة الترس، فقال حاتم في حماس: «هذه… هذه أرقام! انظري كيف تتشكل أمامنا!»

نظرت هالة إلى النقش المحفور فلم ترَ شيئًا، فتساءلت باستغراب: «أين الأرقام؟!»

ازداد حماسًا وهو يشير إلى الحفر قائلًا: «هذه الحفر المستطيلة تمثل الرقم واحد، وهذه الحفرة الدائرية الصغيرة هي الرقم صفر.»

فهمت هالة ما يقصده، وظهرت على وجهها ملامح الابتهاج فقالت بلهفة: «رائع! هذا يعني أن تحريك الترس سيعيد ترتيب الأرقام، وكل ما علينا فعله هو تحريكه بالطريقة الصحيحة حتى نتمكن من الخروج. أليس كذلك؟»

وافقها بإيماءة رأسه، ووجهه يعكس قلقًا واضحًا، وهو يقول مستدركًا: «ولكن! تبقى المهمة الأصعب هي العثور على الترتيب الصحيح لهذه الأرقام.»

أخذ يحصي الأرقام المحفورة، فلاحظ وجود الرقم [١] في الأعلى وتحته [١١] رقمًا، فتساءل وهو يحدق في النقش: «هل يمكن أن تكون هذه الـ [١١] هي الأرقام المغلوبة، وهذا الـ [١] هو الذي غلبها؟»

ترددت هالة قليلًا قبل أن تجيبه: «يبدو لي هذا منطقيًا. لكن، ما معنى ذلك تحديدًا؟»

تمتم بكلمتين لم تفهمهما هالة، فسألته بفضول: «ماذا قلت؟»

أعاد حاتم كلامه بصوت خافت وبنظرة متأملة: «الأرقام المقدسة!»

نظرت إليه بتعجب، وسألت: «ماذا تقصد بذلك؟»

أجابها باقتضاب وهو يحدق في النقش بتركيز: «بعض القدماء كانوا يعتبرون بعض الأرقام مقدسة؛ رمزًا لقوى غامضة.»

اكتست ملامحها بالدهشة، وتساءلت في شرود: «معقول؟!»

أجابها بنبرة واثقة: «نعم. بعض الفلاسفة القدماء مثل فيثاغورس كانوا يرون في الأرقام معرفة مقدسة، وكان فيثاغورس نفسه يلقن تلاميذه هذه المعرفة سرًا، حتى لا تخرج خارج جدران مدرسته، وهكذا بقيت سرية حتى يومنا هذا.»

حاولت هالة استيعاب ما يقوله، ثم سألته بقلق: «وهل هذا يعني أن الأرقام التي ذكرها العجوز في الحلم ما زال معناها سرًا لم يُكتشف بعد؟»

هزّ رأسه نفيًا وقال: «ليس بالضرورة. هناك افتراضات كثيرة حول مدلولات الأرقام.»

تقاطعت كلماته مع صوت قوي ومفاجئ قادم من الأعلى، فالظاهر أن ضياء ورفاقه لم يتوقفوا عن محاولة خرق القرص الدائري الصلب بأي طريقة.

انتبه حاتم وهالة إلى أن ضياء ما زال هناك، بعد أن نسياه أو تناسياه لبعض الوقت، ارتفعت أعينهما من جديد إلى الأعلى في خوف، وسرت في جسديهما قشعريرة من شدة الصوت.

Scroll to Top