من يمتلك الحق في غزة؟
لقد أشعل الصراع في غزة نقاشات عالمية حول العدالة والأخلاق وحق المقاومة. لكن، وبعيدًا عن الخطاب السياسي والمصطلحات القانونية، تبرز مسألة فلسفية أعمق: من يمتلك فعليًا الحق الأخلاقي في غزة؟ نستكشف معًا هذا السؤال من خلال أربع زوايا: الواقع الفعلي، والتفكير الأخلاقي، والعدالة الميتافيزيقية، وقوة السرد.
الواقع والشرعية: الحق المغتصب
من الناحية الواقعية، تُعد غزة أرضًا محتلة ومحاصرة. يعيش سكانها – ومعظمهم من نسل لاجئين – تحت حصار يقيّد بشدة حركتهم ومواردهم واستقلالهم الذاتي. ووفقًا للقانون الدولي، فإن احتلال الأراضي الفلسطينية وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية أمر غير قانوني. وقد تم توثيق الأزمة الإنسانية في غزة من قبل منظمات حقوق الإنسان العالمية.
من الناحيتين القانونية والواقعية، تُعتبر غزة ضحية للاحتلال والاضطهاد المنهجي.
موازين الأخلاق: صراع الظالم والمظلوم
تحثنا القاعدة الأخلاقية لإيمانويل كانط على معاملة البشر كغايات في حد ذاتهم، وليس كوسائل. وعندما يُقتل آلاف المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، تحت ذريعة الأمن، فإن النسيج الأخلاقي لهذا الفعل يتعرض لانهيار عميق. ورغم أن كلا الجانبين قد يرتكبان أفعال عنف، إلا أن التفاوت الأخلاقي يكمن في ميزان القوى: إذ تتمتع إسرائيل بتفوق عسكري واقتصادي وجيوسياسي ساحق.
: من الناحية الأخلاقية، تنبع مقاومة غزة من موقع الحرمان، مما يجعل مطالبتها بالعدالة أكثر رسوخًا في الضرورة الأخلاقية.
فلسفة الوجود: الحق الميتافيزيقي
ما وراء القوانين والأخلاقيات يكمن الحق الميتافيزيقي: الكرامة والقيمة المتأصلة في كل إنسان. إن سكان غزة لا يُحرمون فقط من الموارد، بل من الاعتراف أيضًا – فقد جُردوا من هويتهم، وصوتهم، وإنسانيتهم. يجادل فلاسفة مثل روسو ولوك بأن هناك حقوقًا طبيعية تسبق الحكومات أو المعاهدات. ووفقًا لهذا المنطق، فإن الحق في مقاومة التجريد من الإنسانية يصبح ضرورة وجودية.
تجسد غزة الحق الميتافيزيقي في البقاء، والوجود بكرامة، ومقاومة المحو.
السرد كقوة: من يكتب الرواية؟
في عالم اليوم الذي تهيمن عليه وسائل الإعلام، فإن السيطرة على السرد تُعد شكلًا من أشكال القوة. تهيمن إسرائيل على الحضور الإعلامي في الغرب وفي الخطاب السياسي العالمي. أما غزة، فتتحدث من تحت الأنقاض، عبر مقاطع الفيديو المهتزة والصيحات المستغيثة. لكن أحيانًا، تظهر الحقيقة بقوة أكبر من الصمت منها من الخطب.
إن المطالبة الأخلاقية لغزة لا تكمن فقط في معاناتها، بل في سردها – تأكيد خام وغير مفلتر على صمود الإنسان.
جوهر الحق
تمتلك غزة الحق الأخلاقي ليس لأنها بلا أخطاء، بل لأنها تقاتل لكي تُرى، وتُسمع، وتبقى.
في عالم تقاس فيه القيمة بالقوة، تذكرنا غزة بأن أعمق الحقوق هو ببساطة الحق في الوجود.

عالم التواصل
هل ترغب في التعرف أكثر على الكاتب؟
من أجل معرفة أعمق؛ لتجربته وشخصيته وأفكاره وغاياته
اقرأ السيرة الذاتية الآن