تقديم طلب التوفيق إلى لجنة غير مختصة وأثره:

صورة لمقالات عن موضوع لجان التوفيق أمام المحاكم الإدارية

·        المسألة القانونية:

ما الأثر القانوني لتقديم طلب التوفيق إلى لجنة غير مختصة؟

·        الرأي القانوني:

عند تقديم طلب التوفيق، يُعد تحديد اللجنة المختصة من أهم الضمانات الإجرائية التي يجب على صاحب الشأن الالتزام بها، وفقًا لما قرره القانون رقم 7 لسنة 2000. فاللجوء إلى لجنة غير مختصة يُعد مخالفًا للقانون ولا يُرتب أي أثر قانوني، مما يجعل الدعوى التي تُرفع بناءً عليه غير مقبولة شكلًا.

🔹 فالقانون قد وضع نظامًا دقيقًا لاختصاص لجان التوفيق، حيث أنشأ لجنة في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة، وألزم أن يكون من بين أعضائها ممثل عن الجهة الإدارية المعنية، وهو ما يضمن أن الجهة المختصة بتنفيذ قرار اللجنة تكون طرفًا في إجراءات التوفيق منذ بدايتها.

🔹 كما أن المادة (11) من القانون صرحت بأن الدعوى لا تُقبل أمام المحكمة إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى ’اللجنة المختصة‘، مما يعني أن تقديم الطلب لأي لجنة غير مختصة يُعد كأن لم يكن.

وبناءً على ذلك:

✅ يجب على صاحب الشأن تحري الدقة في تقديم الطلب إلى اللجنة المختصة بنظر المنازعة، وعدم تقديمه إلى أي لجنة أخرى غير معنية بالأمر.

✅ إذا قُدم الطلب إلى لجنة غير مختصة، فإن ذلك لا يُرتب أي أثر قانوني، ولا يُعد استيفاءً للشرط الإجرائي الذي أوجبه القانون، مما يؤدي إلى عدم قبول الدعوى أمام المحكمة.

·        الأساس القانوني:

حيث تنص المادة (1) من القانون رقم 7 لسنة 2000م بشأن إنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات على أنه: «ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر، للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة.»

وتنص المادة (2) من القانون ذاته على أنه: «تشكل اللجنة بقرار من وزير العدل، برئاسة أحد أعضاء الجهات أو الهيئات القضائية السابقين من درجة مستشار على الأقل، ممن لا يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنة، ومن ممثل للجهة الإدارية بدرجة مدير عام على الأقل أو ما يعادلها، تختاره السلطة المختصة، وينضم إلى عضوية اللجنة الطرف الآخر في النزاع أو من ينوب عنه،…»

وتنص المادة (4) من القانون ذاته على أنه: «عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتهما طرفا فيها وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية وتلك التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها، عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو يتفق على فضها عن طريق هيئات تحكيم، تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه.»

وتنص المادة (8) من القانون ذاته على أنه: «لا يكون انعقاد اللجنة صحيحا إلا بحضور جميع أعضائها، …»

وتنص المادة (11) من القانون ذاته على أنه: «عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل، ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض، والطلبات الخاصة بأوامر الأداء، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار القرار، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، وفقا لحكم المادة العاشرة.»

وتنص المادة (13) من القانون ذاته على أنه: «يصدر وزير العدل قرارًا يتضمن تعيين مقار عمل لجان التوفيق في كل وزارة ومحافظة وهيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، وإجراءات تقديم الطلبات إليها، وقيدها والإخطار بها وبما تحدده من جلسات، وإجراءات العمل في اللجان، وغير ذلك مما يستلزمه تنفيذ أحكام هذا القانون…»

وحيث صدر قرار وزير العدل رقم 1786 لسنة 2017م بتاريخ 28/2/2017 والمعمول به من تاريخ نشره في 16/3/2017م بشأن تعيين مقار عمل لجان التوفيق في المنازعات، ونص في مادته الأولى على ما يلي: «تعيين مقار عمل لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها – المنشأة بالقانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه – مع إعادة ترتيب بعض أرقام اللجان ببعض الجهات الإدارية والتي تم إلغاء أو دمج أو إحالة البعض منها لتكون على النحو التالي: أولاً – مقار عمل اللجان التي تقع بدائرة محكمة استئناف القاهرة (محافظتي القاهرة والجيزة): …»

ونصت المادة الثانية من هذا القرار على أنه: «على الجهات المختلفة بالوزارة والمحافظات والهيئات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة -كل فيما يخصه- تنفيذ أحكام هذا القرار»

·        الاتجاهات القضائية:

في هذا الشأن حكمت محكمة النقض بأن:

مفاد نصوص المواد 1، 2، 4، 5، 6، 10، 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000م بشأن إنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها أنه يتعين اللجوء ابتداءً قبل رفع الدعوى في المنازعات الخاضعة لأحكام ذلك القانون إلى لجان التوفيق التي أنشأها وأن هذا اللجوء لا ‍يكون ‍صحيحًا ولا ‍يحدث أثره القانوني إلا إذا ‍كان إلى اللجنة المختصة دون غيرها بدلالة ما أوجبه المشرع من تعدد اللجان بما نص عليه من إنشاء لجنة للتوفيق في كل وزارة ومحافظة وهيئة عامة ولدى كل شخص اعتباري عام، وأن ‍يكون من بين أعضائها ممثل لها بدرجة مدير عام على الأقل أو ما يعادلها تختاره السلطة المختصة بها مع إنشاء أمانة فنية في كل لجنة لتلقي طلب التوفيق وقيده وما نص عليه صراحة في المادة العاشرة من القانون من أن تقديم طلب التوفيق ‍يكون للأمانة الفنية “للجنة المختصة” ويترتب عليه وقف مدد سقوط وتقادم الحقوق ورفع الدعاوى، وكذا ما نص عليه في المادة الحادية عشرة من عدم قبول الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكامه إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى “اللجنة المختصة”. لما ‍كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق ومما حصله الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن المنازعة محل الدعوى الراهنة خاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 وأن الطاعنة تمسكت في صحيفة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه ذلك القانون لعدم صدور توصية من اللجنة المختصة، ولا يغير من ذلك لجوء المطعون ضدهم إلى لجنة غير مختصة وصدور قرارها بالرفض لأنها صدرت من لجنة غير مختصة وضد محافظ الغربية ولا شأن للطاعنة بها. وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفع ولم يعن ببحثه وتمحيصه ولم يرد عليه بما يفنده، فإنه ‍يكون فض‍لاً عن مخالفته للقانون معيبًا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع» (محكمة النقض – مدني – الدائرة المدنية والتجارية – الطعن رقم 428 لسنة 82 قضائية – جلسة 6/11/2018 م – شبكة قوانين الشرق بالإنترنت)

·        التحليل والتعليق:

حيث إن القانون رقم 7 لسنة 2000م قد ألزم اللاجئ إلى لجنة التوفيق بأن يتحرى اللجنة المختصة بنظر طلبه، لا أن يقدم طلبه لأية لجنة في أي مكان، ذلك أن اللجنة المختصة بطلبه تضم في عضويتها ممثل الجهة الإدارية المعنية بتنفيذ قرار اللجنة في نهاية المطاف، وأن اللجوء للجنة غير مختصة يترتب عليه عدم قبول الدعوى أمام المحكمة إذ إن اللجوء إلى لجنة غير المختصة مثله كمثل عدم اللجوء إلى أي لجنة من الأساس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top