
· المسألة القانونية:
ما أثر تقديم طلب التوفيق ضد جهة إدارية غير مختصة أو ضد شخص لا يملك الصفة القانونية في تمثيلها؟ وهل يُعد الطلب صحيحًا أم يُعامل كأن لم يكن؟
· الرأي القانوني:
عند تقديم طلب التوفيق، يُعد تحديد الجهة الإدارية المختصة بدقة التزامًا جوهريًا يقع على عاتق صاحب الشأن، ويترتب على الإخلال به آثار قانونية خطيرة. فإذا لم يُوجه الطلب إلى الجهة الصحيحة، فإن ذلك يُؤدي إلى عدم إنتاج أي أثر قانوني للطلب، ويُعامل كأن لم يكن.
ويُعد هذا الالتزام ضروريًا لضمان تمكين الجهة الإدارية المختصة من إبداء دفاعها وعرض موقفها، وكذلك لضمان تنفيذ التوصية الصادرة عن لجنة التوفيق من قبل السلطة المختصة فعليًا. ومن ثم، فإن تقديم الطلب ضد جهة غير مختصة أو ضد شخص لا يملك الصفة القانونية في تمثيلها يؤدي إلى بطلان الإجراءات كافة، ويجعل قرار لجنة التوفيق بلا أثر، مما يترتب عليه عدم قبول الدعوى لاحقًا لعدم استيفاء الإجراءات القانونية المقررة.
وبناءً على ذلك، فإن تحري الدقة في تحديد الجهة الإدارية الصحيحة عند تقديم طلب التوفيق ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو ضمانة جوهرية لصحة الدعوى، ويجب الالتزام به لتجنب أي بطلان يؤثر على قبول الدعوى أمام القضاء.
· الأساس القانوني:
حيث تنص المادة (6) من القانون رقم 7 لسنة 2000 م على أنه: «يقدم ذو الشأن طلب التوفيق إلى الأمانة الفنية للجنة المختصة، ويتضمن الطلب فضلا عن البيانات المتعلقة باسم الطالب والطرف الآخر في النزاع وصفة كل منهما وموطنه، موضوع الطلب وأسانيده، …»
وتنص المادة (7) من القانون ذاته على أنه: «…وتنظر اللجنة طلب التوفيق دون تقيد بالإجراءات والمواعيد المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية إلا ما تعلق منها بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضي.»
وحيث تنص المادة (115) من قانون المرافعات على أن: «الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى وإذا رأت المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى لعيب في صفة المدعى عليه قائم على أساس أجلت الدعوى لإعلان ذي الصفة ويجوز للمحكمة في هذه الحالة الحكم على المدعى بغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز مائتي جنيه. وإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح أو بشخص إعتباري عام أو خاص فيكفي في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى».
· التحليل والتعليق:
حيث إن مؤدى ما سبق: أن القانون رقم 7 لسنة 2000م المشار إليه قد ألزم اللاجئ إلى لجنة التوفيق أن يتحرى الدقة في تحديد الجهة التي يقدم الطلب ضدها وهو الأمر الذي قررته المادة السادسة من ذلك القانون بصراحة ووضوح، إذ ألزمت صاحب الشأن بأن يقدم طلب التوفيق متضمنًا البيانات المتعلقة باسم الطالب والطرف الآخر في النزاع وصفة كل منهما وموطنه.
وبالتالي فإن هذه المادة في وضوح بيّن وصراحة قاطعة قد ألزمت اللاجئ للجنة أن يذكر الجهة الإدارية بجلاء ساطع وأن يبين صفتها في النزاع بوضوح قاطع، ثم جاءت المادة السابعة من هذا القانون لتبين الأثر المترتب على عدم بيان اسم الجهة الإدارية الصحيح وصفتها الواضحة، إذ أنها – وبعد أن قررت أنّ نظر اللجنة لطلب التوفيق يكون حرًا من التقيد بالإجراءات والمواعيد المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية – عادت لتستثني من ذلك الإجراءات والمواعيد التي تتعلق بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضي.
ولا ريب ولا مراء في أن صفة الخصوم – وهي من النظام العام – تعد من أهم الضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضي بما لا محيص معه من إعمالها أمام اللجنة، بأن يلتزم صاحب الشأن اللاجئ للجنة بتقديم طلبه ضد صاحب الصفة، نظرًا لما يترتب على ذلك من آثار عديدة لعل أهمها ما يتعلق بإبداء الدفاع عن الجهة الإدارية من ناحية، وعرض قرار اللجنة على السلطة المختصة فعلاً بعد صدوره، وتنفيذه من المختصين حال عرضه وقبوله، ومن ثم فإن اختصام غير صاحب الصفة في تمثيل الجهة الإدارية أمام اللجنة من شأنه أن يُبيء هذه الإجراءات كلها بالفشل ويصيبها بالبطلان ويجعل من عمل اللجنة عبثُا ومن قراراتها لغوًا. وإذا كان الثابت بالمستندات أن طلب التوفيق مقدم ضد غير ذي صفة، فهو ما يترتب عليه اعتبار الطلب والعدم سواء، ويعد بذلك – فضلاً عن مخالفته للقانون رقم 7 لسنة 2000م – مخالفةً كذلك لقانون المرافعات واجراءاته مما يتعين معه إعمال حكمه وإهدار قرار لجنة التوفيق لصدوره على غير ذي صفة، وبالتبعية عدم قبول الدعوى المطعون في حكمها لرفعها بغير اتباع الإجراءات المقررة بالقانون رقم 7 لسنة 2000م على نـحو ما تقدم.