مضت دقيقتان.
أسبحُ في الفضاء المظلم الفارغ، أتمنى أن أظل هكذا
للأبد؛ تتقاذفني أمواج متلاطمة في ظلامٍ مدلهم، لا أبكي ولا أضحك لا حزناً ولا
فرحاً.
مضى شهران.
الوضع صعبٌ للغاية.
مقلقٌ جداً.
الآن أتنفس بسهولة؛ ولكن كيف سألتقط أنفاسي إذا تركت هذا
العالم؟
كيف سأعيش؟ كيف سأجد مقومات الحياة التي أحتاجها في مكان
غير هذا؟
هنا كل شيء متوفر.
مرغمٌ أنا على الانتقال لكوكب آخر أو عالم آخر أو دنيا
جديدة.
لا أرغب في أن أغادر البيت، لا أحب مفارقة هؤلاء الناس
الذين يهتمون بي بشدة، يلاعبونني، يُضحكونني، يتسببون في بكائي أحياناً؛ لكنّي
أفضل أن أبقى معهم على الدوام، ولكن مع الأسف الشديد لا سبيل إلى ذلك، فقد تواصلوا
مع الحضانة وأخذوني في زيارة إليها، سحبوني من يدي وجابوا بي أرجاء الحضانة كلها،
بدأت أشعر بالألفة بيني وبين ذلك المكان، لكنني لا أريد أن أتركهم أيضاً.
أرغموني على الذهاب إلى الحضانة، بكيت بكاءً مريرا في
اليوم الأول، والثاني، والثالث، والرابع بدأ يخفت صوت بكائي فيه، وفي نهاية
الأسبوع الأول تلاشى البكاء تمامًا وحل مكانه الضحك واللعب، في الشهر الثاني بدأت
أبكي وأنا مفارق للحضانة لا أريد أن أتركها، لا أريد أن أذهب للبيت، لا أريد أن
أعود إلى هؤلاء الناس الذين أحبهم، ما زلت أحبهم حقاً؛ لكنني تأقلمت مع الوضع
الجديد، أحببت الخروج من البيت؛ لم أعد من هواة السكن والسكينة والمكوث في مكان
واحد لفترة طويلة.
سبعة أشهر.
عندما آن أوان المدرسة بكيت لفراق الحضانة لكنه بدا
بكاءً ظاهرياً، ليس بالشدة ذاتها التي بكيت بها سابقاً.
وهكذا في الجامعة في اليوم الأخير يوم التخرج كان الكل
يبكي للفراق.
عندما مُت حدث الشيء نفسه، بكيت وبكى الجميع.
تسعة أشهر.
غادرت مقري.
فتحت عيني مرغماً.
صرخت.
لماذا أخرجتموني من هنا؟! تباً لكم.
كيف سأتنفس الآن وكيف سأتغذى؟
لقد كان كل شيء ميسراً لي من دون مجهود.
مَنْ هذا الأبله الذي يضحك لبكائي؟
لماذا يضربني؟
من هذه الجميلة ولماذا تُقَبِّلُني؟
صوتُها ليس غريباً.
مألوف جداً بالنسبة لي.
تبدو مثلما تصورتها تماماً؛ جميلة جداً والأجمل من
جمالها أنها تعاملني برفق وتهتم لأمري جيداً.
أدركتُ أنني للتوّ قد غادرت رحمها!
رأيت مصيري كله وأنا فيه والآن حان الوقت لأنسى هذا
المصير وأعيشه مرة أخرى.
مضت فترة.
اعتقدت أنني وجدت أخيرًا المكان الذي سأستقر فيه للأبد.
مع الأسف.
أدركتُ أنه قد خاب ظني عندما حفروا حفرة ووضعوني في باطن
الأرض كأنني بَذْرة؛ ولكنهم لم يتعهدوني بالرِّي، ظننت أن هذا هو مستقري.
ولكن خاب ظني للمرة الأخيرة وأنا أنتفض خارجاً من رحم
الأرض إلى الأبد.
#قصة_سريعة
1. #قصة
2. #قصص_قصيرة
3. #قصة_قصيرة
4. #أدب
5. #أدب_عربي
6. #رواية
7. #كتابات
8. #إبداع
9. #أدب_حديث
10. #قصص_مؤثرة
11. #حكاية
12. #خيال
13. #قصة_اليوم
14. #كتابة_إبداعية
15. #قصص_أدبية
16. #قصص_عربية
17. #قصص_واقعية
18. #قصة_حب
19. #حكايات
20. #قصة_قصيرة_عربية