كيف تكتشف هدفك الحقيقي؟ دع عدوك يخبرك!
هل وجدت نفسك يومًا تائهًا في زحام الحياة، تتساءل في أعماقك: ما هدفي؟ إلى أين أمضي؟ وما الغاية التي خُلِقتُ لأجلها؟ ربما راودتك هذه الأسئلة مرارًا، فبحثت في الكتب، تأملت في تجارب الآخرين، وخضتَ طرقًا تقليدية للوصول إلى إجابة، لكنك لم تجد ما يشبع فضولك. فماذا لو أخبرتك أن هناك طريقة غير مألوفة، لكنها فعالة جدًا؟
دع عدوك يخبرك عن هدفك!
قد يبدو الأمر غريبًا، لكنه في غاية المنطقية. فعندما تعرف ما يحاول عدوك أن يمنعك عنه، تكون قد وضعت يدك على مفتاح هدفك الحقيقي. العدو لا يحاربك عبثًا، وإنما يسعى إلى إبعادك عن غاية تدركها روحه قبل أن تعيها أنت. فما يخشاه منك هو بالضبط ما يجب أن تتمسك به وتسعى إليه بكل قوتك.
من هو عدوك الحقيقي؟
في حياتك، تواجه أعداءً كُثر، لكن العدو الأول والأخطر هو الشيطان. تأمل في حقيقته، واسأله سؤالًا واضحًا:
لماذا تعاديني؟ وما الذي تحاول أن تبعدني عنه؟
سيحاول تشتيتك، سيغرقك في مغريات زائفة، لكنه لن يبوح بحقيقة خوفه منك. ومع ذلك، لو أنصتَّ جيدًا، ستجد أن غايته الكبرى هي أن يُبعدك عن الجنة، عن النور الذي كُنتَ تسعى إليه منذ خُلقت. وهنا تكمن الإجابة: هدفك الأسمى هو أن تصل إلى هذا النور، أن تحقق الفوز الأبدي.
لكن العدو لا يأتي في صورة واحدة، فهو قد يكون نفسك التي تُثبطك، أو مخاوفك التي تعيقك، أو أشخاصًا يريدون أن يطفئوا نورك. كلما شعرت بمقاومة، اسأل نفسك: ما الذي يخشاه هذا العدو مني؟ فإن كان يخشى أن تتعلم، فتعلم، وإن كان يخشى أن تنجح، فاسعَ للنجاح، وإن كان يخشى أن تسير في طريق الخير، فذلك هو دربك الحقيقي.
أمثلة تاريخية مصرية وعربية وإسلامية
على مر التاريخ، أدرك العظماء هذه القاعدة الذهبية، فاستطاعوا تحديد أهدافهم من خلال معرفة ما يخشاه أعداؤهم منهم:
- عمر بن الخطاب -رضي اللّه عنه-: عندما كان الإسلام في مهده، كان كفار قريش يخشون إسلامه خوفًا من أن يقوي الدعوة، فكان ذلك وحده دافعًا كافيًا له ليعلن إسلامه جهارًا ويقف في وجه الظلم.
- صلاح الدين الأيوبي: عندما أدرك أن أعداء الأمة الإسلامية يخشون وحدة المسلمين وقوتهم، جعل هدفه الأول توحيد مصر والشام ثم تحرير القدس. فكان خوف الصليبيين من نهضته دليلًا واضحًا على الطريق الذي ينبغي أن يسلكه.
- أحمد عرابي: حين وقف أمام الخديوي توفيق وأدرك أن المستعمر الإنجليزي يخشى صحوة الشعب المصري، جعل هدفه توعية الشعب والمطالبة بحقوق الجيش، لأن هذا ما أراد الاحتلال طمسه.
- الحسن بن الهيثم: حينما حاول البعض ثنيه عن البحث العلمي، أدرك أن خوفهم من نشر العلم هو إشارة إلى أهميته، فاستمر في أبحاثه حتى أصبح من أعظم العلماء في البصريات.
- رفاعة الطهطاوي: كان الاستعمار يخشى تنوير العقول العربية وإحياء التعليم، فكرس حياته للعلم والترجمة ونقل المعارف من أوروبا، ليواجه بهذا سلاح التخلف الذي أرادوا فرضه.
كيف تكتشف هدفك من خلال عدوك؟
كل ما عليك فعله هو أن تسأل نفسك:
- ما الشيء الذي يُثير سخط عدوي؟
- أي طريق يحاول أن يسدّه أمامي؟
- ما الأمر الذي يُزعجه إن فعلته؟
ستجد الإجابة واضحة أمامك: هدفك هو الشيء الذي يحاربك عدوك حتى لا تبلغه.
الخطوة العملية نحو هدفك
عندما تكتشف ما يخشاه عدوك منك، لا تتردد، بل امضِ فيه بكل عزم. فإذا قال لك: لا تفعل هذا أبدًا! فاعلم أنه هو بالضبط ما يجب أن تفعله. لا تتوقف، لا تلتفت، فالحقيقة قد تجلت لك، والآن عليك أن تخطو إليها.
نصيحة ذهبية
حين تتوه بين الطرقات، لا تبحث بعيدًا، بل انظر إلى حيث يشتد الصراع، حيث تُبذل أقصى الجهود لردعك. فعدوك، وهو يخطط لإسقاطك، قد كشف لك عن كنزك دون أن يدري. إن ما يخشاه منك هو بالضبط ما وُجدتَ لأجله. لا تتردد، ولا تنحرف عن مسارك، فهناك، في نهاية الطريق، ينتظرك تحقيق الذات والفوز العظيم.
خاتمة
قد تكون هذه الطريقة غريبة، لكنها منطقية، بل وعملية جدًا. فجربها الآن، واسأل نفسك: ما هو الشيء الذي يخشاه عدوي مني؟ وما إن تكتشف الإجابة، انطلق فورًا نحوها دون خوف. لأن من عرف طريقه، لن توقفه العوائق، ولن تضلله الظلال.