مقال قانوني- أثر وفاة الخصم قبل رفع الدعوى في الدعاوى المدنية والإدارية – المستشار سمير عبد العظيم حيطاوي

 

    قد يحدث أن تباغت الوفاة أحد الأشخاص دون أن يعلم خصمه بوفاته، أو وهو في طريقه لمقاضاته، وفي هذه الحالة يرفع دعواه على شخص متوفى، ويصبح مهددًا بصدور حكم بانعدام الخصومة في دعواه، ولا يقبل منه تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثة ذلك الخصم المتوفى.


    وقد تباينت أحكام المحاكم واتجاهاتها حول إعمال هذا الأثر والقضاء بانعدام الخصومة، فاتجاه قضى بانعدامها واتجاه آخر قبل تصحيحها.

 

    وقد حسمت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها بمحكمة النقض هذا الأمر وأقرت الاتجاه الذي يقبل تصحيح شكل الدعوى. 


    ولكن ينبغي مراعاة أن هذا الحكم لا يسري -حتى الآن-  في مجال المنازعات الإدارية التي تنظر أمام محاكم مجلس الدولة.


    حيث أصدرت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها بمحكمة النقض حكمها في الطعن رقم 5436 لسنة 86 ق “هيئة عامة” بجلسة 30-5-2023م، وأقرت الاتجاه الذي يجيز اختصام ورثة المتوفى بصحيفة جديدة تودع قلم الكتاب مستوفية لكافة شرائطها القانونية.


    ووطنت لحكمها ووطدته بقولها إن التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه؛ وأن سبيل تحقيقه يكون من خلال التشريعات الإجرائية؛ إذ إنها الأداة والطريق للوصول إليه، ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات، وإذ كان قانون المرافعات هو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية، وتمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة، لذلك فقد حرص المشرع فيه على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير. ولما كان من المقرر أن الخصومة لا تقوم ابتداءً إلا بين طرفين من الأحياء فلا تتعقد أصلًا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة. إلا أنه وتيسيرًا على الخصوم وتحقيقًا لموجبات سير العدالة وهو ما يستتبع معه جواز اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبةً لكافة آثارها من تاريخ انعقادها.


    لما كان ما تقدم، وكانت بعض أحكام دوائر المحكمة قد ذهبت إلى عدم جواز تصحيح شكل الخصومة وتجديد الإجراء الباطل باختصام ورثة المتوفى واعتبار الخصومة منعدمة لوفاة مورثه، فقد رأت الهيئة وبالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ المعدل؛ العدول عن هذا المبدأ والاعتداد بالمبدأ الذي ورد بأحكام الاتجاه الثاني والذي يجيز اختصام ورثة المتوفى بصحيفة جديدة تودع قلم الكتاب مستوفية لكافة شرائطها القانونية.


    ولكن يتعين مراعاة ما ورد في حيثيات ذلك الحكم والتي ذهبت إلى أن اختصام ورثة المتوفى يجب أن يكون بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة.

    و أن يكون في درجة التقاضي نفسها.

     وأن يراعى في ذلك المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبةً لكافة آثارها من تاريخ انعقادها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top