أسَدٌ حَبِيسٌ بَيْنَ قُضْبَانِ القَفَصِ
ضَرَبَ المُدَرِّبُ بِالعَصَا فَوْرًا رَقَصْ
أسَدٌ بِغَيْرِ عَرِينِهِ
وَبِعَيْنِهِ
كَسْرٌ عَمِيقٌ
زَائِغُ النَّظَرَاتِ
يَشْكُو قَيْدَهُ الوَهْمِيّْ
يَذْكُرُ غَابَةَ الأَحْلَامِ وَاللَّحْمَ الشَّهِيّْ
وَرَوَائِحَ الدَّمِّ الزَّكِيّْ
وَنَظْرَةَ الظَّفَرِ الجَرِيئَة
وَضَحَاياهُ البَرِيئَة
إِذْ تُصَارِعُ نَفْسَهَا لِتَفِيضَ مِنْ أَنْيَابِهِ
أَنْيَابُهُ؟! مَاذَا بِهِ؟!
أَيْنَ أَنْيَابٌ وَأَمْجَادٌ وَصَوْلَاتٌ وَجَوْلَات؟!
ياللعجب!
كَيْفَ التَّحَوُّلُ مِنْ هِيَاجِ الصَّيْدِ
فِي الغَابَاتِ وَالسَّطَوَاتْ
إِلَى الخُضُوعِ بِلَا سَبَبْ؟
وَلَقَدْ سَأَلْتُ عُيُونَهُ مَاذَا بِه؟!
فَتَهَرَّبَتْ
وَلَقَدْ سَأَلْتُ زَئِيرَهُ مَاذَا بِه؟!
لَكِنْ صَمَتْ
وَتمَايَلتْ
قِطْعَةُ اللَّحْمِ التي غُرِزَتْ برُمْحِ مدرّبِه
واسْتَرْجَعَتْ
عَيْنَاهُ ذِكْرَى من شَرَاسَتِهِ القَدِيمَةِ فَانْحَنَى
يَمْضَغُ الذُّلَّ بلا نَّهَمْ
ثُمَّ اسْتَدَارَ تجاهي
بِنَظْرَةِ النَّصْرِ المُزَيَّفِ
قَبْلَ أَنْ يَقْوَى عَلَى النُّطْقِ
تَخَلَّلَتْ قِطْعَةُ اللَّحْمِ أَنْيَابَهُ
عقدت لسانه
وَتَقَوَّلَتْ: أَنَا الأَهَمْ
أَنَسِيتَ يَا أَسَدَ الصَّحَارِي مَنْ تَكُونْ؟
أَكَلَامُهَا حَقًّا صَحِيحٌ أَمْ تُهَمْ؟
يَبْدُو صَحِيحًا
فَالسِّيرْكُ يَشْهَدُ وَالمُدَرِّبُ
وَالخُضُوعُ لِقَوْلِهِ
رَغْمَ الغَضَبْ
يَبْدُو وَلَكِنْ مَا جَرَى؟!
مَاذَا بِهِ؟!
نَهَضَ الذَّلِيلُ وَفَجْأَةً
أَلْقَى بِقِطْعَةِ اللَّحْمِ الصَّغِيرَةِ جَانِبًا
وَجَرَى نَحْوَ المُدَرِّبِ وَالْتَهَمْ!