رواية – حبس انفرادي – الومضة الأخيرة

 

دعته هالة بصوتها الهادئ المفعم بالحياة والأمل؛ ولكنه لم يستجب؛ كررت نداءها حتى بدت كأنها تصرخ:


«حاتم!».


انتفض مفزوعاً ونهض وركض عدة خطوات للأمام كأنه يواجه خطراً ما، قبل أن يقف في منتصف الصالة ويستدير لها متسائلاً وهو يلهث:


«ماذا بك؟ لماذا تصرخين؟».


«بل ماذا بك أنت؟ لقد تركتك دقائق لإعداد الطعام وجئت لأجدك تهذي في نومك».


اتسعت حدقتا عينيه على مصراعيهما وهو يستمع لها، وفغر فاه ولم يستطع أن ينطق لبضع لحظات ثم هوى جالساً على الأنتريه وهو يغمغم:


«هل مازلنا محتجزين في الشاليه؟».


«يبدو أنك لن تستطيع تجاوز هذه الأزمة بسهولة؛ ألم أقل لك إن ما تعرضنا له كان صدمة شديدة ومن الطبيعي أن نعاني من كرب ما بعد الصدمة ومن الأفضل أن تتناول مثلي علاجاً دوائياً له».


رمقها بنظرةٍ يائسةٍ فنهضت محاولة تبديد هذا الجو الملبد بالاكتئاب ودعته إلى تناول الطعام فوقف ببطء وتحرك تجاه طاولة الطعام بخطوات مثقلة؛ ثم أرغم نفسه على تناول القليل من الطعام.


«لقد اتصل الدكتور حامد والدكتور هاني كثيرا؛ يريدان الاطمئنان عليك؛ ألا تريد أن تطمئنهما؟».


«سأفعل».


قالها بطريقة تدل على أنه لن يفعل؛ ثم نهض وتحرك تجاه المطبخ ليعد فنجان قهوته المعتاد الذي لم يتخل عن إعداده لنفسه حتى وهو في حالة اكتئاب شديد؛ طلبت منه هالة أن يعد لها فنجاناً معه.


مــرّ بكل الصور المعلقة على الحائط وهو يتسلم الجوائز وقف أمامها يتأملها محاولاً استلهام أية بارقة أمل منها تعينه على الأزمة التي يمر بها.


عاد حاملاً فنجانين ملأهما بالأمل والرغبة في التعافي؛ توجه تجاه هالة فلم يجدها في الصالة ولم يجد الطعام على الطاولة؛ وضع الفنجانين من يده وبدأ ينادي عليها فلم تجبه.. أخذ يجوب الشقة بحثاً عنها.


«أين ذهبت؟».


بدت كل علامات الدهشة والحيرة على وجهه وهو يقلب الشقة رأساً على عقب دون أن ينطق بكلمة؛ لم يجدها في أي مكان.


ارتجّ جسده من الصدمة.


تضاربت انفعالاته ما بين الحزن والسخرية من نفسه.


«لقد كانت هنا للتو؛ ماذا جرى؟ لقد شخصني الأطباء على أنني أعاني من اكتئاب نتيجة ما حدث معي في الشاليه، لم يقل أحد منهم إنني أعاني من هلاوس من أي نوع».

كرر كلمة «هلاوس» أكثر من مرة وهو يتأملها وينظر للفراغ؛ هلاوس سمعية هلاوس بصرية هلاوس حسية.



«الخروج».

ترددت
هذه الكلمة في الشقة كلها بصوت يعرفه جيداً؛ إنه صوت الفتاة الآلي ذلك الذي سمعه في
الشاليه والسيارة من قبل؛ تساءل في نفسه:

«كيف
جاء هذا الصوت إلى هنا؟! وما هذا الذي تقوله؟!».

بدأ
الصوت الآلي يتكلم بجمل متتابعة وكأنّه يصدر له تعليمات.

«حان
وقت المغادرة».

«طريق
الخروج على يمينك مباشرة».

«بعد
أن تدخل الغرفة القادمة توقف قليلاً للإجابة عن بعض الأسئلة».

اتبع
هذا الصوت الآلي بدون معارضة؛ وكأن إرادته قد سلبت منه تماماً أو أنه اختار أن
يطيعه من باب الفضول.

دخل
الغرفة التي وجهه إليها ذلك الصوت؛ لم يجدها غرفة بالمعنى الدقيق للكلمة؛ إنما هي
أشبه بأنبوب ضخم جدرانه مضيئة بضوء أبيض لامع، وعليها علامات كعلامات أنبوب
الاختبار؛ وبابها دائري ضخم.

وقف
مشدوهاً بما يرى مترقبا ما بعد ذلك؛ رأى في نهاية الغرفة باباً آخر فتوجه تلقاءه.

ففوجئ
به يصطبغ باللون الأحمر تارةً وباللون البرتقالي أخرى، ويتحول بين اللونين بتتابع،
وفجأة برز في وسط الباب نجم مضيء يتعاظم ضوؤه الأبيض اللامع تدريجياً حتى شغل
مساحة الباب كاملة، ثم ظهرت في الأعلى أحرف تكتب واحدة تلو الأخرى بلون ذهبي حتى
تكوّن أمام عينيه سؤال كامل، وأدناه بدأت تتشكل إجابة أولى حرفاً فحرفاً كذلك
باللون البرتقالي، والإجابة الثانية باللون الأحمر.

هل
تعتقد أن كل ما حدث لك هنا

محض
مُصادفة      أم     أن هناك من دبـّـر كل هذا ورتبه؟

=
الأولى: كُلُّ هَذَا مَحْضُّ مُصَادَفَة.

=
الثانية: كُـــلُّ شَـــيٍء مصممٌ بدقة فائقة.

اختار
الإجابة الثانية ذات اللون الأحمر، ضغط عليها بإبهامه، فبرز له من الجانب الأيمن
تمثالٌ صغيرٌ على شكل هرمٍ ذهبي أعلاه رأس أسد وقاعدته فأر والمنطقة الواصلة بين
القاعدة والرأس ملتوية كثعبان، التقطه فانفتح الباب تلقائياً؛ نظر للأعلى فوجد
مكتوباً «بوابة الخلق».

 

خرج
من الباب ليتفاجأ بجموعٍ كبيرة من الصحفيين ومراسلي القنوات التلفزيونية ومندوبي
وسائل الإعلام المختلفة تغطي الحدث، أدرك ما يجري للمرة الأولى؛ تذكر كل شيء.

«إنّــهُ
هو الـمـجـرّبُ الأوّل».

***

أومضت
بذاكرته مشاهد متتابعة وهو يقف مأخوذاً ينظر للحاضرين، تذكّر الإرهاصات الأولى
للمشروع، وكيف عكف عليه طيلة ثلاث سنوات.

تذكر
كيف خطّ فكرة المشروع الأولى في مفكرة صغيرة قديمة ملازمة له منذ الطفولة حتى من
قبل أن يلتحق «بكلية الهندسة» ويدرس البرمجة، تلك المفكرة التي لم يكتب فيها أية
فكرة من قبل، ولكن يبدو أنه احتفظ بها لهذا اليوم فحسب.

تذكّر
ما كتبه حينها، لقد بدأ بكلمات مبعثرة لكنها جمعت كل أفكاره.

[مشروع
برمجي]

شاليه                  مزار سياحي                  ملحد

تصميم
ذكي                   الخالق

من
لا شيء                     مصادفة

***

 

 

ثم
أومضت في ذاكرته تفاصيل المشروع والأسباب التي دفعته إلى التفكير فيه.

«أنا
ملحد؛ لا أعتقد بوجود خالق لي ولا لهذا الكون، ولكنني لن أنتظر حتى أموت لأتأكد إن
كنت على حق أم أن هناك خالقاً بالفعل، سأعرف الآن؛ سأنشئ مشروعاً مبرمجاً برمجة
دقيقة، ومصمماً بطريقة ذكية.

فكرته
تعتمد على عزل الشخص الذي سيخوض التجربة عن العالم الخارجي وحبسه بمفرده داخل
المشروع؛ ثمّ تلقي الإشارات من عقله، وتحويلها إلى واقعٍ يعيشه؛ أي سيتم برمجة
النظام على أن يقوم بترجمة انفعالات الشخص ومخاوفه وأفكاره ومعتقداته ورغباته إلى
واقع حقيقي، ومنحه حرية الحركة في المكان بكامله، دون أن يتم تقييده ولا توصيله
بأية أجهزة، فالمكان كله سيجهز ليكون جهازاً ضخماً، و دون أن يكون له حرية الخروج
أو إنهاء التجربة بإرادته؛ إنه لن يتذكر بالأساس أنه في تجربة، فكل شيء سيكون
حقيقياً، وحتى يتم تخفيف الأمر على المجرّب قليلاً ومنحه بعض المتعة سيتم تصميم
المشروع ليجد نفسه بمجرد أن يدخل ويندمج فيه قد أصبح شخصية أخرى وربما في مكان
محبب إليه، وستتكفل برمجة المشروع بإقناعه بأنه هو ذلك الشخص وكذلك ستقنعه بسبب
وجوده في هذا المكان؛ وبمجرد أن تطأ قدمه داخل المشروع لن يتذكر أنه داخل المشروع
الكبير الذي تبدو واجهته كواجهة أحد المتاحف القديمة.

والغرض
من هذا أن يقضي المجرب عدة دقائق يخرج بعدها متيقناً من أحد أمرين إما أنّ هذا
الذي يحدث هو مصادفة محضة، أو أن هناك من قام بترتيب كل هذا وإعداده، و سيكون
المشروع قابلاً للاستخدام من أي أحدٍ من المؤمنين أو الملحدين على السواء.

ولكن
عليه أن يكتب رأيه في النهاية.

وسأحاول
أن أتحلى ببعض الشجاعة لأكون أول من يجرب هذا المشروع وأول من يكتب رأيه».

***

 

أومضت
بذاكرته صور متتابعة للمراحل التي استغرقها هذا المشروع ليخرج للنور؛ تذكر كيف أنه
جعل المكان نفسه معزولاً بدقة عن العالم الخارجي؛ وبمجرد أن يدخل المجرب في
التجربة يبدأ الجهاز في العمل، ولكنه لن يعرض له فيلما يشاهده، لا بل ستكون
الأحداث بالنسبة للمجرب حقيقية أكثر من الحقيقة ذاتها، وستكون تحركات المجرب
محسوبة بدقة بحيث لا يمكن أن ينتج عنها أي ضرر به.

ولقد
تم تصميم الجهاز ليستخلص من عقل المجرب أفكاره ورغباته وكل شيء يدور في ذهنه
ليترجمه إلى واقع، على أن يتكفل الجهاز بإنشاء قصة تلائم هذه الطموحات والرغبات،
وقبل الدخول إلى الجهاز أو المشروع تكون هناك عدة بوابات، ويكون على المجرب أن
يختار واحدة من هذه البوابات.

فكرة
المشروع تنصب كاملة على العلاقة بين الإيمان والإلحاد، وكل البوابات متعلقة بهذا
الشأن تقريبا، وكل بوابة تحمل اسماً يدل على ما وراءها، وعلى كل مجرب أن يختار
البوابة من البداية، ولقد اختار حاتم بوابة «الخلق»، وما زالت هناك بوابات عديدة،
والمجرب دائما يختار أكثر موضوع يشغل باله.

عند
مدخل المشروع وبعد أن تتخطى حاجز الباب الرئيسي تجد أمامك شاشة كبيرة خلفيتها
باللون البرتقالي والكلمات مكتوبة عليها بالأحمر القاني.

تظهر
أمامك أسماء البوابات واحدة تلو الأخرى؛ وبمجرد أن تضغط على اسم واحدة منها تنفتح
أمامك، وبمجرد أن تضع قدماً داخل الممر الخاص بهذه البوابة تنفصل تماما عن الواقع
الخارجي، وتندمج تماما داخل ما قمت باختياره.

ولقد
تمت تغذية كل بوابة بمعلومات كثيرة عن الموضوع الذي صممت لأجله هذه البوابة وما
وراءها، وتتعدد أسماء هذه البوابات؛ ما بين «الخلق»، «القدر»، «الإله»، «الحياة
بعد الموت»، وهكذا العديد من البوابات، وكل بوابة تُغذّى بالأفكار المتناقضة
المختلفة حول فكرتها من المؤيد والمعارض، وتتكفل برمجة المشروع بإعادة ترتيب هذه
الأفكار ودمجها مع أفكار المجرب وخبراته؛ لتصوغ له واقعاً متكاملاً لا يستطيع أن
يميز بينه وبين واقعه الحقيقي؛ ولا يستطيع كذلك أن يدرك أن كل ما يجري معه؛ إنما
هو عبارة عن ترجمة عملية لأفكاره ومعتقداته ورغباته وما يتصل منها بفكرة البوابة
التي اختارها حتى أن بعض الأشخاص الذين يظهرون له حقيقيون يعرفهم في واقعه الفعلي
وبعضهم من اختراع الجهاز نفسه تلبية لعرض فكرة أو إنشاء حدث.

المشروع
تم تصميمه من الناحية الفنية وتمت برمجته وكتابة كل الاحتمالات الممكنة، وما يترتب
عليها من فعل أو رد فعل، كل شيء محسوب بدقة، لقد استغرق الأمر من حاتم ومن فريق
العمل الذي شاركه أكثر من ثلاث سنوات من العمل اليومي لمدة لا تقل عن ستة عشر ساعة
في اليوم، ولكنهم كانوا يعملون بشغف وتلهف، فكلهم يمسه هذا المشروع من قريب أو من
بعيد؛ ففضلا عن أنها وظيفتهم فقد أحسوا أن هذا المشروع جزء منهم، كلهم منهم المؤمن
والملحد، المتيقن والمرتاب، كلهم يعمل وينتظر ليجرب في يوم من الأيام البوابة التي
تشغل تفكيره طيلة الوقت؛ تم تصميم بوابة الخلق لتجيب على سؤال جوهري: هل يمكن أن
ينتج شيء من لا شيء؟ أم أن الخالق هو من أنشأ كل شيء؟ وُضعت كل الاحتمالات في
الحسبان عند إعداد هذه البوابة؛ الآراء، الأفكار، المعتقدات، الخبرات، وصيغت بعض
الأسئلة في هيئة حدث، وبعضها في هيئة حادث، وبعضها حوار، وهكذا؛ ولكن كلما تغير
المجرب ستتغير الأحداث وستتغير الأشخاص، وستتغير الأفكار التي تستخرج من عقل هذا
المجرب، وما إذا كان ملحداً أم مؤمناً ولكن تظل الأفكار الرئيسية ثابتة.

ولا
يعطيك هذا المشروع الفرصة لتغادره ثم تبدي رأيك وإنما لا بد أن تختار الإجابة على
التساؤل المعد سلفاً لكل بوابة على حدتها قبل أن تخرج؛ وبوابة الخلق طرحت التساؤل
واختار حاتم الإجابة التي وصلت إليه واقتنع بها مما جرى معه، على الرغم من أنه
دخلها عكس ذلك تماماً، وبعد أن خرج سأل نفسه: هل كل من يمر بهذه التجربة سيبقى على
قناعته؟

وحينها
ابتسم حاتم لأنه كان صاحب فكرة أن تكون إجابة السؤال هي السبب في خروج المجرب من
المشروع، وألا يتركه ليجيب عليه بعد أن يخرج، حتى يحصل منه على الإجابة النقية غير
المتأثرة بالأهواء الشخصية أو الدوافع أو العلاقات.. وقد نجح في ذلك تماما وهو أول
المجربين والذي أرغمه مشروعه على الاعتراف بخطأ أفكاره.

مكتوب
على باب المشروع دخول، بعد أن يدخل من باب المشروع، ويدخل البوابة التي اختارها،
تغلق البوابة من خلفه، ويمشي عدة خطوات في ممر لا يتعدى الثلاث مترات وشكله على
شكل أنبوب الاختبار؛ هو ذاته تماماً بعلاماته ومؤشراته، ويخفت الضوء تماماً حتي
ليبدو كأنه في لحظة بين النور والظلام، انتهاء الليل وانفلاق الصبح، يرى جيدا
ولكنه لا يرى شيئاً، يتحرك تلقائيا تجاه نهاية الممر القصير ليمر عبر باب دائري،
يجد نفسه وقد انتقل إلى قاعة فسيحة، وعندها…يحدث كل شيء.

واقع
جديد مختلف تماماً عن واقعه ولكنه مرآة عاكسة لهذا الواقع؛ فالإنسان قد يغفل عن
بعض الأشياء في نفسه وقد لا يستطيع رؤية نفسه بوضوح ولكن عندما ينظر للمرآة فإن كل
شيء يصبح أكثر وضوحاً بالنسبة له.

 

أومضت
كل هذه الأفكار بعقل «المهندس حاتم سليم!» واستعاد ذكرياته وهو ما يزال واقفاً
ينظر لعدسات المصورين الذين يلتقطون صوراً له وللمشروع من خلفه والذي لم تخلُ
واجهته من الإبهار والغرابة في الوقت نفسه؛ لا سيما تلك التماثيل المنحوتة عليه،
وبالأخص ذلك الأسد الذهبي القابع فوق باب المشروع، وهذه اللافتة المعلقة «المشروع
الكبير»، والتي تضيء حروفها باللون البرتقالي والأحمر بالتبادل، ويبدو الأسد
الذهبي واقفا فوقها في شموخ، وذيله معانقٌ لذيل الثعبان، الذي ينزل ملتويا من
منتصف اللافتة يتخلل حروفها، حتى إذا وصل قاعدتها، بــدا فمه  قابضاً على فأرٍ مذعورٍ يوشك أن يلوذ بالفرار.

وقف
أمام جموع الحاضرين ينظر إليهم ممتلئاً بالبهجة؛ أيقن أن مشروعه قد نجح، وأن
التمويل الضخم الذي أنفقه عليه لم يضع هباءً، سواء من ماله الخاص أو أصدقائه من
رجال الأعمال الذين اقتنعوا بفكرته وقرروا الاستثمار فيها.

ابتسم
حاتم لمّا تذكر بعض ما جرى معه داخل التجربة، وكيف أن المشروع التقط أفكاره التي
كانت تتصارع داخله وجعلها واقعاً بالنسبة له، فبداخله تعيش شخصيات كثيرة تشبه إلى
حد كبير كل الذين رآهم في داخل التجربة، وربما كان هو كل هؤلاء في وقت واحد فقام
الجهاز فقط بتجسيد أفكاره فيهم، وبترجمة الحوار الحقيقي الذي يدور بداخله على
ألسنتهم.

تهافت
ممثلو وسائل الإعلام عليه وهو يتحرك بينهم. أسئلة كثيرة.

«ماذا
حدث؟ هل نجح المشروع؟ هل ما زلت ملحداً أم غـيـّـر المشروع قناعاتك؟ ما هي الخطوة
القادمة؟ هل أصبح المشروع جاهزا لاستخدام الجميع؟».

أجابهم
بهدوء وثقة:

«نعم
نجح تماماً وكل شيء على ما يرام وبات جاهزاً».

جعل
يتنقل بينهم والأسئلة تنهال عليه.

«هل
يمكن أن يتاح هذا المشروع كتطبيق على الهواتف الذكية يوماً ما؟».

«سأعمل
على هذا».

«لقد
علمنا أن المشروع مقسم إلى بوابات فيا ترى ما هي البوابة التي اخترتها وماذا كانت
النتيجة؟».

«اخترت
بوابة الخلق والنتيجة أنني تيقنت تماماً أن لهذا الكون خالقاً؛ وأنه لا شيء من لا
شيء؛ فإذا كان ما حدث معي بالداخل وراءه مصمم؛ وهو بالطبع شبيه بحياة الإنسان
الحقيقية؛ فإن حياة الإنسان الحقيقية نفسها بدون شك وراءها مصمم كذلك».

أجابهم
ومضى يشقُّ طريقه بين الأجسام المتلاحمة فقابل صديقه «إبراهيم طارق» الصحفي الشهير
الذي هنّأه وطلب منه حواراً صحفياً فوعده حاتم بأنّ أول حوارٍ سيكون حصرياً معه.

ثم
انطلق يبحث بين الواقفين عن «هالة» إلى أن وجدها فقابلته مبتسمةً وهنأته فقال لها
بنبرةٍ حالمة:

«هل
تعلمين؟! لقد كنتِ معي في كل لحظة».

ازدادت
ابتسامتها إشراقاً واحمرت وجنتاها خجلاً وهي تقول بصوتٍ حنون:

«سأكون
معكَ دوماً».

تلقّف
هذه الكلمة بسرعة بمجرد أن خرجت من فمها كأنه لا يريد أن يفلتها، ونـدّت منه
تنهيدة ارتياح كمن بلغ غايته وهو يقول:

«الآن
يمكننا تحديد موعد زواجنا».

تمت بتوفيق الله

العودة إلى الومضة السابقة (الخامسة)


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top