• دفع شكلي ← الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم اللجوء إلى لجنة التوفيق دفع شكلي:

صورة لمقالات عن موضوع لجان التوفيق أمام المحاكم الإدارية

·        المسألة القانونية:

الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم اللجوء إلى لجنة التوفيق دفع شكلي لا تستنفد به محكمة أول درجة ولايتها:

إذا قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لعدم سلوك الطريق القانوني المقرر، مثل عدم تقديم التظلم الوجوبي أو عدم اللجوء إلى لجنة التوفيق في المنازعات، فهل يُعتبر هذا الحكم استنفادًا لولايتها في نظر الموضوع؟ وما الإجراء المتبع إذا ألغت محكمة الطعن هذا الحكم؟

·        الرأي القانوني:

إن الدفع بعدم القبول لعدم اتباع الإجراءات الشكلية المقررة قانونًا، كعدم تقديم التظلم الوجوبي أو عدم اللجوء إلى لجنة التوفيق، يُعد دفعًا شكليًا يتعلق بإجراءات التقاضي، ولا يمس أصل الحق المدعى به. وبالتالي، إذا قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لهذا السبب، فإنها لا تستنفد ولايتها في نظر الموضوع، لأن حكمها اقتصر على مدى استيفاء الإجراء الشكلي وليس على الفصل في النزاع ذاته.

وفي حال الطعن على هذا الحكم وإلغائه من قبل محكمة الطعن مع رفض الدفع، فإن محكمة الطعن لا تتصدى للفصل في الموضوع مباشرة، وإنما تُعيد القضية إلى محكمة أول درجة لنظرها من جديد، حفاظًا على حق الخصوم في درجات التقاضي، ومنعًا من تفويت إحدى مراحل التقاضي عليهم، وترسيخًا لمبادئ العدالة الإجرائية.

·        الاتجاهات القضائية:

استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن الدفع بعدم القبول لعدم سلوك الطريق القانوني المقرر يُعد دفعًا شكليًا يؤثر على إجراءات الخصومة ولا يؤدي إلى استنفاد ولاية المحكمة على موضوع الدعوى.

وفي هذا السياق، قضت المحكمة الإدارية العليا بأنّ:

«المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق المقرر في القانون ، مثل عدم سابقة التظلم الوجوبي ، أو عدم اللجوء إلى لجنة التوفيق في المنازعات ، أو لجان فحص المنازعات ، هو في حقيقته دفع ببطلان الإجراءات إذ أنه موجه إلى إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها ، وبهذه المثابة يعد من الدفوع الشكلية ، ومن ثم فإذا ما قضت محكمة أول درجة بقبولها هذا الدفع الشكلي والحكم بعدم قبول الدعوى تأسيسًا على ذلك ، فإنها لا تكون قد استنفدت ولايتها في نظر الموضوع ، فإذا طُعن في حكمها وقَضت محكمة الطعن بإلغاء هذا الحكم وبرفض الدفع ، فإنه يجب عليها في هذه الحالة أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها ، لأن هذه المحكمة لم تقل كلمتها فيه ، ولا تملك محكمة الطعن التصدي لهذا الموضوع ، لما يترتب على ذلك من تفويت إحدى درجات التقاضي على الخصوم.»

(يراجع: حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 1182 لسنة 55 ق. عليا بجلسة 18/4/2017م، وفي الطعن رقم 105921 لسنة 69 ق | تاريخ الجلسة 29 / 6 / 2024م)

تحليل الحكم:

يتضح من هذا الاتجاه القضائي أن:

  • الدفع بعدم القبول هنا لا يؤثر على الحق الموضوعي وإنما يعالج خللًا في الشكل.
  • إذا تم إلغاء الحكم من محكمة الطعن، يجب إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة، ولا يجوز لمحكمة الطعن التصدي للموضوع مباشرة.
  • الهدف من هذه القاعدة ضمان عدم تفويت درجات التقاضي على الخصوم، بحيث لا يُحرم المدعي من فرصة نظر دعواه بالكامل بعد استيفاء الإجراءات الشكلية.

الآثار القانونية المترتبة على هذا الدفع

  1. عدم إنهاء النزاع الموضوعي:
    حتى لو قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لعدم سلوك الطريق القانوني الصحيح، فإن هذا الحكم لا يُغلق الباب أمام المدعي، إذ يمكنه تصحيح الخطأ ورفع الدعوى مجددًا بعد استيفاء الإجراء المطلوب.
  2. عدم استنفاد ولاية المحكمة:
    نظرًا لأن الحكم بعدم القبول لا يُعد حكمًا فاصلًا في الموضوع، فإن محكمة أول درجة لا تستنفد سلطتها في نظر الدعوى، ويحق لها إعادة نظرها بعد استكمال الإجراءات.
  3. التزام محكمة الطعن بإعادة الدعوى:
    عند إلغاء حكم محكمة أول درجة بعدم القبول، لا يجوز لمحكمة الطعن التصدي للموضوع مباشرة، بل يتعين عليها إعادة القضية إلى محكمة أول درجة لضمان التدرج في التقاضي.

خاتمة

يُظهر تحليل الدفع بعدم القبول لعدم اللجوء إلى لجنة التوفيق أن هذا الدفع يرتبط بإجراءات رفع الدعوى وليس بأصل الحق، مما يجعله دفعًا شكليًا لا يؤدي إلى استنفاد ولاية المحكمة. ولذلك، فإن القضاء الإداري يرسخ مبدأ الحفاظ على درجات التقاضي، ويؤكد على ضرورة الفصل في الموضوع بعد استيفاء الشروط الشكلية المطلوبة، تحقيقًا للعدالة الإجرائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top