· المسألة القانونية:
هل يتعين على الموظف الذي يطعن على قرار تأديبي نهائي اللجوء إلى لجنة التوفيق قبل رفع الدعوى أمام المحكمة التأديبية؟
· الرأي القانوني:
من المستقر عليه أن الطعن على القرارات التأديبية النهائية يخضع لنظام التوفيق الإجباري المنصوص عليه في القانون رقم 7 لسنة 2000، وذلك تحقيقًا لمبدأ العدالة الناجزة وتقليل النزاعات القضائية.
· الاتجاهات القضائية:
أكدت المحكمة الإدارية العليا هذا المبدأ، حيث قضت بأن:
من المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن:
المشرع في سبيل تحقيق العدالة الناجزة التي تيسر لذوي الشأن الحصول على حقوقهم في أقرب وقت ممكن، ولتخفيف العبء عن القضاة، أصدر القانون رقم «7» لسنة 2000 سالف البيان بإنشاء لجان للتوفيق في بعض المنازعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية الواردة بالمادة الأولي وبين العاملين بها وذلك أيا كانت طبيعة هذه المنازعات، ورتب أثرا على عدم الالتزام باللجوء إلى تلك اللجان هو عدم قبول الدعاوي التي تقام مباشرة أمام المحكمة، وأخرج من الخضوع لأحكامه منازعات بعينها أوردها تفصيلا بالمادتين الرابعة والحادية عشر، وجاءت المنازعات المتعلقة بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية من المنازعات الخاضعة لأحكام القانون المذكور طبقا لمفهوم مواده سيما المادة السادسة، ومن ثم يتعين على صاحب الشأن في هذه المنازعات قبل اللجوء إلى المحاكم التأديبية أن يتقدم بطلب التوفيق إلى اللجنة المختصة خلال المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء، وبعد تقديم التظلم من القرار المطعون فيه، وانتظار المواعيد المقررة للبت فيه، حتى ولو اقترنت بطلبات وقف التنفيذ بحسبان أن طلبات إلغاء القرارات التأديبية لا يجوز طلب وقف تنفيذها طبقا لأحكام قانون مجلس الدولة. ورتب أثرًا على عدم الالتزام باللجوء إلى تلك اللجان هو عدم قبول الدعاوى التي تقام مباشرة أمام المحكمة اعتبارا من 1/ 10/ 2000 وأخرج من الخضوع لأحكامه منازعات بعينها أوردها تفصيلا بالمادتين الرابعة والحادية عشرة وجاءت المنازعات المتعلقة بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية من المنازعات الخاضعة لأحكام القانون المذكور طبقا لمفهوم نصوص مواده سيما وأن المادة السادسة تلزم صاحب الشأن في هذه المنازعات قبل اللجوء إلى المحاكم التأديبية أن يتقدم بطلب التوفيق إلى اللجنة المختصة خلال المواعيد المقررة لذلك بعد تقديم التظلم من القرار المطعون فيه وانتظار المواعيد المقررة للبت فيه.
[يراجع: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 21433 لسنة 59 قضائية بتاريخ 18/1/2020م]
تحليل وتعقيب ختامي
أهمية شرط اللجوء إلى لجنة التوفيق في الطعون على القرارات التأديبية
يُظهر النص القانوني وأحكام المحكمة الإدارية العليا أن المشرّع قد جعل اللجوء إلى لجنة التوفيق شرطًا جوهريًا قبل رفع الطعون على القرارات التأديبية النهائية أمام المحكمة التأديبية. ويعود ذلك إلى حرص المشرّع على تحقيق العدالة الناجزة، ومنح فرصة لإمكانية تسوية النزاعات بطريقة ودية، مما يسهم في تخفيف العبء عن المحاكم ويقلل من عدد الدعاوى المطروحة عليها.
التوازن بين الإجراءات الشكلية وحقوق الموظف المتضرر
يتضح أن شرط التوفيق في هذه الحالة ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل هو عنصر جوهري في صحة الدعوى، وهو ما تؤكد عليه المحكمة الإدارية العليا، حيث إن تجاهله يؤدي إلى عدم قبول الدعوى شكلًا. ورغم أن الموظف المتضرر قد يرى أن هذا الشرط يزيد من تعقيد الإجراءات، إلا أن المشرع اعتبره آلية ضرورية لمنح الجهات الإدارية فرصة لمراجعة قراراتها قبل الانخراط في النزاع القضائي، مما قد يؤدي في بعض الحالات إلى تسوية النزاع دون الحاجة إلى التقاضي.
الاتجاهات القضائية وحسم الجدل حول الإجراء
أكدت المحكمة الإدارية العليا أن الطعون على القرارات التأديبية النهائية لا تخضع للإعفاء المنصوص عليه في المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000، حيث إن هذه القرارات لا يجوز وقف تنفيذها وفقًا لقانون مجلس الدولة. وبالتالي، فإن الطعن المباشر دون اللجوء إلى لجنة التوفيق يُعد مخالفًا للقانون، حتى وإن تضمن الطعن طلبًا بوقف التنفيذ.
التوصيات والتطورات المحتملة
- ضرورة توعية الموظفين والمحامين بالإجراءات الشكلية للطعن:
- ينبغي نشر مزيد من التوضيحات القانونية من قبل الجهات المختصة لضمان عدم وقوع الطاعنين في خطأ عدم سلوك طريق التوفيق، مما قد يؤدي إلى رفض دعاواهم شكلًا.
- مراعاة سرعة الإجراءات في لجان التوفيق:
- رغم أهمية شرط التوفيق، إلا أنه ينبغي النظر في تحسين آليات عمل اللجان بحيث تبت في الطلبات بسرعة دون التسبب في تعطيل حق التقاضي.
- إمكانية تعديل تشريعي لوضع استثناءات محددة:
- قد يكون من المناسب تعديل القانون لإدراج استثناءات محددة في بعض الحالات التي يكون فيها شرط اللجوء إلى لجنة التوفيق غير ضروري، كالحالات التي يكون فيها القرار التأديبي معيبًا بوضوح أو يتضمن جزاءات مشددة تؤثر على مستقبل الموظف بشكل بالغ.
الخاتمة
يتضح أن اشتراط اللجوء إلى لجنة التوفيق قبل الطعن على القرارات التأديبية النهائية هو إجراء جوهري لا يمكن تجاوزه، حتى وإن تضمنت الدعوى طلبًا بوقف التنفيذ. ورغم ما قد يراه البعض من تعقيد في هذه الإجراءات، إلا أن الهدف الأساسي منه هو تحقيق العدالة الناجزة وتقليل النزاعات القضائية، وهو ما يعزز من كفاءة النظام القانوني والإداري بشكل عام.