· المسألة القانونية:
هل تخضع المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية لشرط اللجوء إلى لجان التوفيق قبل رفع الدعوى أمام المحكمة؟
· الرأي القانوني:
استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية مستثناة من شرط العرض على لجان التوفيق، وذلك بموجب المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 2000، نظرًا للطبيعة الخاصة لهذه المنازعات، والتي قد تستعصي على الحل عن طريق اللجان التوفيقية، وتتطلب فصلاً قضائيًا مباشرًا.
كما أن المشرع، في سبيل تحقيق العدالة الناجزة وتخفيف العبء عن القضاة، قرر عدم قبول الدعوى في المنازعات الخاضعة لهذا القانون إذا لم يتم اللجوء إلى لجنة التوفيق المختصة، لكنه استثنى صراحةً المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية، بالإضافة إلى بعض المنازعات الأخرى مثل تلك التي تكون وزارة الدفاع طرفًا فيها، أو التي أفرد لها المشرع تنظيمًا خاصًا لحلها.
وبناءً على ذلك، فإن المنازعة التي تتعلق بحق عيني عقاري لا تخضع لهذا الإجراء، ويجوز رفع الدعوى مباشرة أمام المحكمة دون الحاجة إلى العرض على لجنة التوفيق.
· الاتجاهات القضائية:
أكدت المحكمة الإدارية العليا هذا المبدأ، حيث قضت بأن:
«وحيث إن المقرر، وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة، إن المشرع في سبيل تحقيق العدالة الناجزة التي تيسر لذوي الشأن الحصول علي حقوقهم في أقرب وقت ممكن ودون تحميلهم بأعباء مالية قد تثقل كاهلهم، ومن ناحية أخري لتخفيف العبء عن القضاة، أصدر القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان للتوفيق في بعض المنازعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية الواردة بالمادة الأولى والعاملين بها أو غيرهم من الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة، وذلك أيًا كانت طبيعة تلك المنازعات، ورتب أثرًا علي عدم الالتزام باللجوء إلى تلك اللجان هو عدم قبول الدعاوي التي تقام مباشرة أمام المحكمة، بيد أنه أخرج من الخضوع لأحكام هذا القانون منازعات بعينها مثل التي وردت بالمادة الرابعة التي تتسم الجهات الإدارية أطراف الخصومة بطبيعة خاصة مثل وزارة الدفاع والإنتاج الحربي والأجهزة والجهات التابعة لها، أو تلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية لطبيعتها الخاصة التي قد تستعصي على حلها عن طريق اللجان التي شكلها القانون، أو غيرها من المنازعات التي أفرد لها المشرع تنظيمًا خاصًا لفضها أو تسويتها إما عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو هيئات التحكيم، وفضلًا عن ذلك فإنه أخرج من الخضوع لأحكام هذا القانون نوعا آخر من المنازعات وهي التي لها صفة الاستعجال، فهي جميعها تندرج ضمن المسائل المستعجلة التي يتعين الفصل فيها علي الفور دون انتظار للمواعيد المقررة في القانون رقم 7 لسنة 2000 بل في آجال أقرب منها حرصًا علي مصلحة أصحاب الشأن، وهو ما يتفق والغاية التي ابتغاها المشرع من إصدار القانون المشار إليه، وقد تضمنت هذه المنازعات أو المسائل طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ لما تتسم به من طبيعة مستعجلة، لأن ركني قبول طلب وقف التنفيذ هما الجدية والاستعجال فإذا انتفي أحدهما بات الطلب غير مقبول.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن النزاع الماثل يدور حول حيازة الأرض ( الشونة ) محل التداعي وطلب البنك الطاعن رد حيازتها من الجهة الإدارية المطعون ضدها وعدم التعرض له في حيازتها والتعويض عن الأضرار التي لحقت به جراء ذلك التعرض، ومن ثم فإنه بهذه المثابة تكون المنازعة الراهنة متعلقة بحق عيني عقاري، وبالتالي تكون من المنازعات المستثناة من العرض على لجنة التوفيق في المنازعات وفقًا لنص المادة الرابعة من القانون رقم7 لسنة 2000 – هذا فضلًا عن أن البنك الطاعن أشار في صحيفة دعواه وتقرير طعنه أنه قد لجأ إلى لجنة التوفيق المختصة بموجب الطلب رقم212 لسنة2020 شبين الكوم بتاريخ 5/1/2021 وأن طلبه قد رفض فأقام دعواه بتاريخ 6/3/2021.
وإذ لم يفطن الحكم الطعين إلى إن النزاع الراهن من المنازعات المستثناة من العرض على لجنة التوفيق في بعض المنازعات حال كونه متعلقًا بحق عيني عقاري حسبما سلف بيانه، وهو ما جره إلى الحكم بعدم قبول الدعوى على نحو ما قضى به، فإنه يكون قد تنكب صحيح حكم القانون، متعينًا الحكم بإلغائه والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلًا، وبإعادتها إلى دائرة محكمة القضاء الإداري بالمنوفية للفصل في موضوعها بهيئة مغايرة، منعًا من تفويت درجة من درجات التقاضي، وبحسبانه من المبادئ الأساسية للتقاضي، وأخذًا بعين الاعتبار أن الطعن غير مهيأة للفصل في موضوعه.»
(المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة – موضوع – الطعن رقم 93143 لسنة 69 ق | تاريخ الجلسة 25 / 6 / 2024)