وجوب اللجوء إلى لجنة التوفيق قبل إقامة دعوى التعويض:

صورة لمقالات عن موضوع لجان التوفيق أمام المحاكم الإدارية

وجوب اللجوء إلى لجنة التوفيق قبل إقامة دعوى التعويض:

·        المسألة القانونية:

هل يُعفى المدعي من شرط اللجوء إلى لجنة التوفيق قبل رفع دعوى التعويض أمام القضاء؟

·        الرأي القانوني:

دعوى التعويض تخضع لشرط العرض على لجنة التوفيق قبل رفعها أمام المحكمة، ما لم تكن من المنازعات المستثناة صراحةً بنصوص القانون.

وبموجب نصوص المواد 1، 4، 11، و14 من القانون رقم 7 لسنة 2000، فإن الأصل هو وجوب تقديم طلب إلى لجنة التوفيق قبل إقامة الدعوى، ما لم تكن الدعوى من بين المنازعات المستثناة التي حددها القانون، مثل:

✅ الدعاوى المستعجلة.

✅ طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ.

✅ المنازعات التي حددتها المادتان 4 و11 من القانون كاستثناءات.

وبما أن دعوى التعويض ليست من بين هذه الاستثناءات، فإنه يتعين على المدعي اللجوء إلى لجنة التوفيق قبل رفع الدعوى أمام المحكمة، وإلا اعتُبرت غير مقبولة شكلاً.

·        الاتجاهات القضائية:

أكدت المحكمة الإدارية العليا هذا المبدأ، حيث قضت بأن:

«طبقا لنصوص المواد أرقام 1 ، 4 ، 11 ، 14 من القانون رقم 7 لسنة 2007 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها فإنه يتعين على صاحب الشأن قبل إقامة دعواه أن يتقدم بطلب إلى لجنة التوفيق في المنازعات المختصة فيما عدا بعض المنازعات التي يختص بنظرها القضاء المستعجل وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ وخلافها من المنازعات التي حددت في المادتين 4 ، 11 من القانون والتي ليست منها طلبات التعويض والتي يلزم قبل إقامة الدعوى بها اللجوء إلى لجنة التوفيق في المنازعات المختصة» [حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 15069 لسنة 52ق. عليا حكم جلسة 30/1/2006 ؛ مشار إليه بحكم المحكمة الإدارية العليا – الإدارية العليا- الدائرة السادسة -موضوع   الطعن رقم 21438 لسنة 57 قضائية – الإدارية العليا- الدائرة السادسة -موضوع – بتاريخ 21/2/2018، والطعن رقم 21439 لسنة 57 قضائية – الإدارية العليا- الدائرة السادسة -موضوع – بتاريخ 24/1/2018]

تحليل وتعقيب قانوني حول وجوب اللجوء إلى لجنة التوفيق قبل إقامة دعوى التعويض

تحليل قانوني

إن إلزام المدعي باللجوء إلى لجنة التوفيق قبل رفع دعوى التعويض هو من القواعد الإجرائية الجوهرية التي أقرها المشرّع بموجب القانون رقم 7 لسنة 2000، والذي أوجب على ذوي الشأن سلوك هذا الطريق كمرحلة تمهيدية قبل طرق أبواب القضاء، وذلك تحقيقًا لاعتبارات المصلحة العامة وتخفيف العبء عن المحاكم.

وبالنظر إلى طبيعة دعوى التعويض، فإنها تتعلق بمنازعات ذات طبيعة مالية تستند إلى أفعال ضارة أو قرارات إدارية ترتب أضرارًا للغير، وهي بطبيعتها قابلة للتسوية دون اللجوء إلى القضاء. ومن ثم، فإن المشرع ألزم الأطراف بمحاولة تسوية النزاع وديًا أمام لجنة التوفيق، ما لم تكن الدعوى من المنازعات المستثناة صراحةً.

وفي هذا الإطار، فإن عدم التزام المدعي بهذا الإجراء السابق على التقاضي يُرتب بطلان عريضته، ويجعل الدعوى غير مقبولة شكلاً، بغض النظر عن موضوعها أو مدى أحقيته في التعويض، إذ إن القواعد الإجرائية المنظمة لرفع الدعوى تفرض نفسها على القضاء ولا يجوز تجاوزها تحت أي ذريعة.

تعقيب قانوني

إن تقرير وجوب اللجوء إلى لجنة التوفيق قبل إقامة دعوى التعويض لا يعد تقييدًا لحق التقاضي، وإنما هو قيد إجرائي يهدف إلى تحقيق التوازن بين مصلحة الأفراد في الوصول إلى العدالة ومصلحة الدولة في تقليل المنازعات القضائية من خلال التوفيق بين الخصوم قبل الاحتكام إلى القضاء.

وقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن اللجوء إلى لجنة التوفيق في هذه الحالات ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل هو التزام قانوني جوهري يترتب على إغفاله عدم قبول الدعوى.

وفي هذا السياق، فإن أي محاولة للالتفاف على هذا الشرط، سواء بإضفاء طابع استعجالي على الدعوى أو تضمينها طلبات ثانوية لا تغير من طبيعتها، لا تؤثر على وجوب الامتثال لهذا القيد الإجرائي، الذي يعد ضمانة لتحقيق عدالة ناجزة تحفظ للأفراد حقوقهم، وتمنح الإدارة الفرصة لتصحيح قراراتها دون الحاجة إلى اللجوء إلى التقاضي.

ومن ثم، فإن احترام هذا الشرط يعكس التزام القضاء بمبدأ المشروعية الإجرائية، ويحول دون تحويل ساحات المحاكم إلى ساحة للمنازعات التي يمكن تسويتها بطرق بديلة أكثر سرعة وأقل كلفة، بما يعزز من كفاءة المنظومة القضائية ويحقق غايات المشرع في تخفيف الأعباء عن المحاكم وضمان حسن سير العدالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top